جعجع: يجوز التفكير بانتخابات نيابية مُبكرة
أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن “لسقوط نظام الأسد أهمية كبيرة كما فيه مصلحة للشعب السوري، وهو يشكل مكسباً بحد ذاته بغض النظر عما يمكن أن يكون بعده. على المستوى الداخلي”.
ولفت جعجع في مقابلة عبر “هلا لندن”، إلى أن “الحكومة اللبنانية لم تتخذ قرار الحرب، بل إن أحد الاحزاب اللبنانية هو الذي اتخذه وعليه تالياً تحمل كلفة إعادة الاعمار، لا أن يتحملها من رفضوا ويرفضون الحرب، فذلك ليس عدلاً ولا حقاً ولا مساواة”.
وتمنّى “أن تكون المجموعة الشيعية قامت بإعادة قراءة لكل المسار وكل ما حصل وانتجت مقاربات مختلفة”. وأشدد على “أنني لا أطرح ولا أطلب، ولكن في ظل هذا الواقع، يجوز التفكير بانتخابات نيابية مبكرة، باعتبار كيف يمكن خوض الوضعية الجديدة بمجلس عتيق؟”.
جعجع رأى أن “أبا محمد الجولاني، اي أحمد الشرع، يحاول اظهار ذاته في شكل جديد، لكنني لا اعرف إن كانت القصة قصة شكل أم ان المضمون سيلحق بالشكل، لا اريد ان اتسرع في الحكم”.
وعن الخشية على لبنان من الميل التوسعي السوري، قال: “في مكان ما صحيح ان هذا الميل لطالما كان موجوداً حتى قبل الأسد، ولكنه تفاقم مع حزب البعث الذي لا يعترف بوجود حدود بين لبنان وسوريا والعراق، وهذا ما أدى إلى تداخل الكثير من الأمور في المنطقة وصولاً إلى جملة مشاكل عرفنا كيف بدأت وبالكاد سنعرف كيف تنتهي. أعتقد أن جزءاً من هذا الجموح سيبقى مستمراً بعد كل ما حصل بحكم وجود دولة كبيرة الى جانب دولة أصغر منها. على سبيل المثال ما يحدث بين أميركا والمكسيك أو بين أميركا وكندا، والتي تتمتع بثقافة واحدة ودين واحد وتتشارك الكثير من النقاط، لم تكن العلاقة في ما بينها في أي يوم من الايام 100 في المئة طبيعية، من هنا سيبقى شيء من هذا الجموح، لكن لا اعتقد ان شيئا سيوازي وضع الأسد”.
وعن ملف النازحين، أوضح جعجع “أن القوات منذ البداية تتابع هذا الملف وخلال السنوات الماضية ضربت “الحديدة” وهي غير حامية، فكيف بالحري عندما تكون حامية. بتقديري الأمور لم تعد تحتاج الى جهود كالسابق، وما لفتني انه في الايام القليلة الماضية، اتخذت دول أوروبية كنا نختلف معها في موضوع النازحين، من ضمنها سويسرا، اتخذت قرارات بعدم قبول أي طلبات لجوء سورية بعد الآن، أي انها اعتبرت أن الوضع في سوريا بات طبيعياً، وبالتالي انتهت المشكلة الاساسية وراء اللجوء. ومن هنا انا متفائل بأنه خلال اشهر معدودة، سيُعالج الاساس في ملف النازحين والباقي سيتبع”.
جعجع الذي شدد على ضرورة إلغاء المعاهدات كلها بين لبنان وسوريا الاسد، وبينها معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق، أشار إلى أن “لبنان في وضعه الحالي وخصوصاً بعد الترتيبات التي واقفت عليها الحكومة في 27 تشرين الماضي على أثر وقف اطلاق النار، عاد الى اتفاقية الهدنة على حدوده الجنوبية وستعود اليه الدولة الفعلية، وستنشأ من جديد دولة فعلية في سوريا، وبالتالي يجب ان يحصل تفاهم بين الدولتين اللبنانية والسورية برضى كل منهما، وأن تتمتع كلتا الدولتين بالحرية، لا كما كانت الامور أيام اتفاقية الأخوة”.
وعن وجود ضباط تابعين للأسد في لبنان، أكد جعجع أنه “يجب تطبيق القانون، والقانون اللبناني هو قانون دولي، وبعض ضباط الأسد في حقه مذكرات توقيف دولية. لقد عانى الشعب اللبناني جداً من نظام الأسد، وإن لم يكن بقدر معاناة الشعب السوري، وحتى اليوم لا نزال نستقبل أسرى لبنانيين كانوا في السجون السورية، ولا يغيب عن بالي “علي حسن العلي”، الذي ظل 38 سنة معتقلا من دون أن يعلم اهله بأنه موجود”.
وعن تنفيذ قرار وقف اطلاق النار من الجانب اللبناني، أجاب “الأمور لم تبدأ بعد، بالأمس حصل الاجتماع الأول للجنة الدولية للمراقبة، ومن هذا اليوم علينا ان نبدأ بالحكم. ان موضوع السلاح محسوم، ولا يجوز التشكيك في شأن وجوده أو استمراره، لأن الترتيبات كما سمتها الحكومة، وهي حكومة حزب الله، ووافقت عليها وتم التفاوض عليها بالنيابة عن حزب الله، واضحة جداً، ولا يمكن تأويلها كما حدث ايام الرئيس فؤاد السنيورة، وهي تنص على تطبيق القرار 1701 ومعه القرارين 1559 و1680. ويلحظ الاتفاق الذي وافقت عليه حكومة حزب الله عدم وجود السلاح لا شمال ولا جنوب الليطاني، كما لحظ هذا الاتفاق من هي القوى التي يحق لها حمل السلاح، وبالتالي أمر السلاح محسوم”.
ورداً على سؤال، شدد جعجع على أن الحديث عن مناقشة استراتيجية دفاعية بات “من مخلفات العهد الماضي… لقد اصبح من الماضي بتوقيع حكومة الحزب لا بتوقيعي”.
وفي ما يتعلق باقتراح إنشاء لواء اقليمي في الجنوب تحت سلطة الجيش من مقاتلي حزب الله، شدد على أنه “عندها علينا المطالبة بألوية أخرى في مناطق أخرى، الشيء بالشيء يذكر”.
وعن إعادة الإعمار ونظرية عدم قدرة الشعب اللبناني على تحمل عبء أموال إضافية، قال: “كي نكون محقين، الحكومة اللبنانية لم تتخذ قرار الحرب، بل إن أحد الاحزاب اللبنانية هو الذي اتخذه وعليه تاليا تحمل كلفة اعادة الاعمار، لا ان يتحملها من رفضوا ويرفضون الحرب، فذلك ليس عدلا ولا حقا ولا مساواة. هناك لبنانيون بيوتهم مهدمة وعلينا أن نطالب من تسبب لهم بهذه الحرب وبتداعياتها من خراب وخسائر، بدفع تكاليف اعادة الاعمار. علينا ان نسعى إلى تحصيل حقوق هؤلاء اللبنانيين مِن الذي ورطهم في هذه الحرب. على ايران التكفل بإعادة الاعمار، لأنها من كانت خلف هذا الحزب والقدرات العسكرية له. إن إعادة الاعمار مكلفة جدا، وقد تصل كلفتها الى نحو 10 مليارات دولار، ومن غير المنطق تحميلها للبنانيين الذين لم يتخذوا قرار الحرب ولا ممثلوهم ولا حكومتهم، وهم اساسا لا يريدون الحرب”.
ورأى أنه “علينا أن نسعى في جلسة 9 كانون الثاني، بعد سنتين وشهرين بلا رئيس للجمهورية، كي يكون لنا رئيس للجمهورية، لكنني أريد أن أتحدث في جوهر موضوع الرئاسة، بعيداً من التكتيكات اليومية، فمنذ بدء الفراغ الرئاسي حتى الآن، هناك الكثير من المتغيرات التي حصلت في منطقة الشرق الأوسط ولبنان. في لبنان المتغيرات مختلفة 180 درجة، لقد كان لبنان في مكان وبات في مكان آخر تماماً، والترتيبات التي وافقت عليها الحكومة اللبنانية في 27 تشرين الثاني الماضي اعادت لبنان الى اتفاقية الهدنة والى اتفاق الطائف، وعلى هذا الاتفاق ان يطبق وان تصبح الدولة الوحيدة التي تحمل سلاحاً في لبنان. هذا من جهة، أما من جهة ثانية فما حدث بالقرب منا في سوريا ليس تغييرا بسيطاً إنما زلزال، 50 سنة طبعت التاريخ بأبشع الصور وانتهت، وبدأ العهد الجديد في سوريا، وما زلنا لا نعرف ملامحه الاساسية، فهل يجوز بعد هذه المتغيرات كلها ان نستمر نحن نبحث برئاسة الجمهورية كما كنا نبحث بها في السابق؟”.
ورداً على سؤال عن توقيت اعلان ترشيحه للرئاسة، أجاب جعجع: “أعلن ترشحي عندما يكون هناك حد أدنى من الكتل النيابية مستعدة لتقبل هذا الترشح، الترشح ليس بطولة، وإن كان هناك عدد مقبول من الكتل النيابية تتبنى ترشيحي وتتقبله، أترشح طبعاً ومستعد لذلك، فنحن نعمل في السياسة لنكون في اكبر قدر من المواقع التي تمكننا من تطبيق برنامجنا السياسي”.
وشدّد على أن كل ما كان مطروحا في السابق رئاسياً أصبح من الماضي، الأسماء التي طرحت في المرحلة الماضية كانت انطلاقا من المرحلة الماضية، أما اليوم فنحن في وضعية جديدة.
وردا على سؤال لفت جعجع إلى أن “الذي كان يجب ان يحدث مع التيار الوطني الحر كتيار ومنذ زمن، والذي لم يحصل حتى الآن، هو انه لو كان يتمتع بالحد الأدنى من الاخلاقية والاستقامة والصدقية، كان عليه أن يقول “المرة الماضية القوات اعطتنا وعلينا اعطاءها هذه المرة، لكن التيار ليس في هذا الوارد”.
وعن زيارة النواب الأربعة المنشقين عن التيار الوطني الحر معراب، كشف جعجع عن أنهم أتوا ليقولوا “إننا نلتقي على الكثير من الاهداف، الفرق أننا كنا في التيار وأنتم في القوات، وقد أبدوا استعدادهم للتعاون في المجالات كلها بعد التناقش بالأمور، وطبعاً قلنا لهم “على الرحب والسعة”.
وعن محاولة بري وباسيل ايصال العميد جورج خوري وخلق غطاء مسيحي وغطاء شيعي له، قال جعجع: “عظيم وبعدين؟ لنفترض أنه وصل وهو (آدمي) ومع كامل احترامنا له، هو أو سواه، كيف سيحكم؟ ما هي علاقاته العربية أو الدولية؟ الايام تغيرت ولا يمكن الاستمرار بالتفكير بالطريقة ذاتها وهذا ما يخيفني في موضوع الرئاسة، البعض مرت عليه الاحداث وكأنه يتفرج عليها في فنزويلا أو أستراليا أو في مكان لا علاقة له بها. في لبنان تبدل الوضع 180 درجة وفي المنطقة كذلك، لذا عليكم ان تغيروا تفكيركم مع تغيّر الوضع”.
وبعدما تمنى أن تكون المجموعة الشيعية قد بادرت الى إعادة قراءة المسار كله وكل ما حصل، واستنتجت مقاربات مختلفة، قال جعجع “إذا اردتُ ان احكم على السابق، فإن الثنائي الشيعي سيقوم بـ(بلوكاج) ليس عليَّ فحسب، إنما على اي خيار جدي، وهذا ليس من مصلحته ولا مصلحة لبنان، لأنه حان الوقت لعودة لبنان. في دبي منذ 40 سنة كانوا يقولون: سنجعل دبي كبيروت، في سنغافورة، لي كوان يو، اول رئيس حكومة اسس سنغافورة، كان يقول في أواخر الستينات: نريد ان نجعل سنغافورة بيروت الشرق الأدنى. هذا هو لبنان، فماذا فعلوا به؟ اين أوصلونا؟ لقد اصبح لبنان الارهاب والكبتاغون، وبالتالي، من اجل إعادة اعمار لبنان نحتاج إلى “ناس من قماشة معينة”.
وعن موقف المستقلين، شدد جعجع على أنهم غير بعيدين عنا “والتواصل قائم، وأخيراً حصل اجتماع في معراب لنواب المعارضة ووضعنا خارطة طريق لملف الرئاسة، وأقصى تمنياتي أن يكون هناك رئيس في 9 كانون الثاني، لكن إحساسي ان عددا من الكتل يخوض الامور كما في السابق بما لا ينتج رئيساً للجمهورية. وأمام هذا الواقع، لا اطرح ولا اطلب، ولكن يجوز التفكير بانتخابات نيابية مبكرة، فإذا كان المجلس النيابي، ما زال مجلس الـ2022 فقط، كيف يمكن مواجهة الوضعية الجديدة بمجلس عتيق؟”.