كتب عوني الكعكي:
بكل صراحة لم يستطع أي رئيس أن يحكم سوريا، قبل أو بعد الرئيس حافظ الأسد بحكمة وحسن دراية وذكاء مميّز.
فبالرغم من كل الأحداث ترك الرئيس حافظ الأسد سوريا واحدة من أهم الدول في الشرق الأوسط، على الصعيدين السياسي والعسكري وحتى على الصعيد الاقتصادي. ولكن تبيّـن مع مرور الأيام أنّ كل ما بناه الرئيس حافظ الأسد أسقطه بشار منذ اليوم الأول لتسلمه الحكم. وكي لا يظنّـن أحدٌ إنني أتحامل عليه، أحب أن أؤكد أن كل الافتتاحيات التي كتبتها عنه، كانت نتيجة علاقاتي القديمة المميزة منذ السبعينات مع والده.
أبدأ باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري… وكيف كان «قليل الأدب» بالتعامل معه.. وكيف أهانه أمام ثلاثة ضباط مخابرات كبار، وكيف أنه لم يقدّر ما فعله الملك عبدالله بن عبد العزيز رحمه الله، حين أرسل ملياري دولار الى سوريا يوم وفاة الرئيس حافظ، وكيف أرسل الأمير بندر بن سلطان الى أميركا ليرتب له أموره… وكيف تصرّف حين جاء ماكفرلين الى سوريا ليبحث معه موضوع الرئاسة في لبنان، واقترح عليه أن يختار الأسد ثلاثة أسماء ويختار الأميركي واحداً من بينها، وكيف شجّعه نائب الرئيس عبد الحليم خدام يومذاك على أن لا يفوّت فرصة الاتفاق مع الأميركيين، لأنها الضمانة الوحيدة لبقائه في الحكم، في حين أن وزير الخارجية (فلتة عصره) فاروق الشرع تمسّك بحسن نصرالله وحزب الله وآية الله خامنئي ورفض العرض، وصمّم على طلبه بالتمديد لإميل لحود.
لو افترضنا أن كل ما فعله بشار كان على صواب، فإني أسأل سؤالاً بسيطاً ومن دون لفّ أو دوران: لماذا انهارت سوريا اقتصادياً في عهده، ولماذا كانت مزدهرة جداً في عهد والده؟
الجواب… لأنّ بشار لم يكن ذكياً ولا محنكاً كوالده، بل كان قمة في الفشل.
ثانياً: عندما بدأت الثورة السورية… حاول الملك عبدالله مساعدته… فلماذا كان يكذب على نفسه وعلى الملك عبدالله، ولا يعترف بالحقيقة بل كان يداهن ويكذب؟
فهل يوجد رئيس عاقل يمكن أن يعادي السعودية وأميركا في الوقت نفسه، إرضاءً لنظام ولاية الفقيه في الجمهورية الإسلامية؟
وهل يوجد رئيس عربي في العالم يعادي شعبه ووطنه وإخوانه العرب من أجل مشروع ولاية الفقيه؟
الأهم من هذا وذاك، يبدو أن مشروع ولاية الفقيه قد حقق المهمة المكلف بها وهي: تقسيم وتفتيت دولة العراق، ثم تفتيت سوريا ثم لبنان ثم فلسطين… فبعد «النجاح الباهر» في العراق جاء الوقت ليقول الأميركي لولاية الفقيه انتهت المهمة.
لذلك، لو عدنا الى تصريح خامنئي عن سقوط النظام السوري، وقوله إنّ مؤامرة أميركية – إسرائيلية قد خططت ضد سوريا، ونجحت في إسقاط بشار الأسد، لَدُهشنا.
من هنا نقول إنّ النظام في العراق لا يمكن أن يكون كما كان أيام قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني.. وأنّ الشعب العراقي يرفض سلطة ولاية الفقيه التي تُـمارس على الشعب العراقي.. لذلك سيكون هناك تحوّل كبير في العراق… ومن بعد هذا التحوّل يبدو أن النظام في إيران سوف يسقط حتماً، لأنّ الفشل الاقتصادي الذي يمارسه نظام ولاية الفقيه لا يمكن أن يستمر… ولو كان هذا النظام ذكياً وناجحاً كالنظام التركي لكان هناك أمل بأن يستمر. أما وأن يكون هناك 50 مليون مواطن في إيران يتقاضون 20 يورو شهرياً مساعدة من الدولة من أجل الاستمرار في الحياة وحالة الفقر التي لم تشهد مثيلاً لها في تاريخها.
وبالمناسبة، فإنّ إيران أيام الشاه كانت من أهم دول المنطقة اقتصادياً وعسكرياً… ويكفي أن هناك مصنعين: واحد لشركة رينو تنتج مليون سيارة سنوياً، وآخر لشركة بيجو ينتج مليون سيارة أيضاً. لأنّ الحاكم إذا لم ينجح اقتصادياً فلا يمكن أن يحكم ويستمر حكمه.
من هنا تأتي أهمية أميركا.. وكيف تحكم العالم باقتصادها وبعملتها.. لذلك ننتظر في القريب العاجل سقوط نظام الملالي في إيران خلال الأشهر المقبلة.
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*