رفعت مؤسسة “النهار” اليوم شعار جبران تويني، شهيدها المدافع عن الحقّ والحقيقة، فكان القسم من قلب بيروت، بحضور شخصيات سياسية وإعلامية وحقوقية، “مسلمين ومسيحين… دفاعاً عن لبنان العظيم”.
ومن أبرز الحاضرين: ممثّل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وزير التربية عباس الحلبي، ممثلة الرئيس سعد الحريري السيدة بهية الحريري، ممثل متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة الأب فيليب سعيد، وزير الإعلام زياد المكاري، السفير المصري علاء موسى، النواب مروان حمادة، أشرف ريفي، ملحم الرياشي، غياث يزبك، إبرهيم كنعان، ميشال معوض، مارك ضو، نديم الجميل، ميشال معوّض، النائب السابق فريد إلياس الخازن، النائب السابق فارس سعيد، الوزير السابق زياد بارود، الوزير السابق بطرس حرب، الوزير السابق مروان حمادة، الوزير السابق ناجي البستاني، الأمين العام لـ”تيار المستقبل” أحمد الحريري، نادر الحريري، رئيس الجامعة الأميركية الدكتور فضلو خوري، رئيسة المؤسسة المارونية للانتشار روز الشويري.
قدّم اللقاء الزميل لوسيان شهوان، واستُهلّ بالنشيد الوطني اللبناني، ومن ثمّ عرضٌ لوثائقي عن جبران تويني الصحافي والسياسي ومسيرة “النهار”.
وقال في مقدّمته: “… جبران تويني، انتصرت معاني نضالاتك وهنّي وقصورن الكرتونية سقطوا بكل معاني الإجرام والوحشيّة. جبران بدي قلّك، نظام الأسد سقط وبقيت النهار!”.
نايلة تويني
“سقط المجرم… شكراً جبران”، عبارة استهلّت بها رئيسة مجموعة “النهار” الإعلامية نايلة تويني الذكرى الـ19 لاستشهاد جبران تويني، من مبنى “النهار”، الشاهد على تضحيات جمّة ودماء نزفت من أجل لبنان الواحد الموحّد.
في كلمتها، أكد تويني أنّه “منذ 19 عاماً، قرّر المجرم أن يقلب النهار إلى ليل بقتله جبران تويني، تاركاً في قلوبنا وجعاً وجرحاً كبيرَين. وهذا الشعور تعرفه جيداً النائبة السابقة بهية الحريري الحاضرة معنا، حينما اختبرت التجربة المُرّة في 14 شباط 2005”.
واستذكرت تويني والدها جبران الحالم بغدٍ أفضل لبلده والمؤسسة الإعلامية التي سعى لأن تبقى مواكبة للتطور التكنولوجي، وقالت: “حين فتحتُ حقيبة والدي التي كانت إلى جانبه لحظة الانفجار في 12 كانون الأول (ديسمبر)، قبل 19 عاماً، وجدتُ كتاب جدي غسان وتفاصيل عن كيفية تطوير الصحيفة وصولاً إلى حجم الطبعة والإخراج”.
وتابعت: “بعد 19 عاماً على اغتيال جبران، وما تلاه من تجارب مُرّة اختبرها لبنان بينها انفجار مرفأ بيروت الذي قضى في إثره أشخاص داخل هذا المبنى وخارجه، نُعيد افتتاح مكتب “النهار” التي تضم 130 صحافيّاً وتوسعت إلى العالم العربي، إلى جانب شركة Media Innovation”.
وأضافت: “على الرغم من تضرّر مكاتب الجريدة وإصابة معظم العاملين، قرّرنا ترميم مكاتبنا وها هي عدالة السماء تتحقّق بعد طول عناء”.
كما أعادت الزميلة نايلة تويني التذكير بإرادة جدّها غسان تويني الذي لم يكسره اغتيال جبران، يوم جمع العاملين في مؤسسة “النهار” وقال جملته الشهيرة: “لبنان لم يمت… والنهار مستمرة”.
وأشارت تويني إلى الظروف الصعبة التي واجهت “النهار”، ولاسيما في الجانب الاقتصادي، مُقدّمة “الشكر للأيادي التي تكاتفت وحقّقت ما هي عليه اليوم، من تقدُّم تقني ليبزغ فجرها في لبنان والعلم العربي وأبعد من ذلك باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية وغيرها”.
اقرأ أيضاً: “النهار” تفتتح غرفة أخبارها المدعمة بالذكاء الاصطناعي… نايلة تويني: نمضي بثقة نحو الأفضل (صور)
نائب رئيس تحرير صحيفة “النهار” نبيل بومنصف
من جهته، أكّد نائب رئيس تحرير صحيفة “النهار” نبيل بومنصف أنّه “نحن النهاريين من الأجيال المتعاقبة في مسار هذه الجريدة والمؤسسة الصحافية والإعلامية العريقة بل الأعرق لبنانياً، نعتبر أنّ عملنا هو التطبيق الحرفي اليومي لما استُشهد من أجله جبران، تماماً كما نحن تلامذة من أطلق على الصحافة صفة الرسالية أي معلمنا غسان تويني”.
وقال: “بهذه الروح وهذا النبض، بعد الصدمة الأقسى التي تلقيناها في 12/12/2005، قرّرنا وعلى رأسنا آنذاك غسان تويني ونايلة تويني، أنّ النهار تريد أن تُترجم العنوان التاريخي الذي صدرت تحته غداة اغتياله: (جبران لم يمت والنهار مستمرة)”.
أضاف: “نعم، استمرّت النهار ولكن يجب أن تعلموا أن استمرارها كان ولا يزال أمّ المعارك الذاتية المتواصلة والصعبة والشاقّة جداً، ومرات كثيرة وصلنا على حفاف الخطر المصيري الجدي”.
وتابع: “بدأت رحلة الصمود والتحديث والتطوير مع بعضها البعض بظروف ما بعد 2005، وجميعكم تتذكرون كيف كانت ظروف البلد الانقسامية، ورغم ذلك مرحلة ما بعد جبران كانت أول اختبار هائل لإيمان هذه الاسرة، أسرة النهار، بأنّ التماسك والوفاء لدماء جبران وسمير قصير وكل تاريخ النهار هو وحده خشبة الخلاص للمؤسسة”.
ولفت بو منصف إلى أنه “حتى سنة 2009 كانت مرحلة صمود بالحد الأقصى، وحينها بدأت النهار عملياً في مرحلة الجيل الرابع مع نايلة تويني، بعدما أثقلت التجارب المخيفة على وضع معلّمنا الأستاذ غسان وصار عاجزاً عن تحمّل المسؤولية”.
وأشار إلى أنّه “في الحقبة الأخيرة خطّت نايلة خطوة هائلة جديدة في توسيع أفق المؤسسة التي أصبحت مجموعة إعلامية مترامية: جريدة بحلّة جذرية جديدة وبنسختَين لبنانية وعربية، وقد دشّنت عودتها من باب عريض إلى العالم العربي بدءاً من الإمارات العربية المتحدة وتباعاً نحو بلدان عربية أخرى، تطوير كبير جداً في الإعلام الرقمي والإلكتروني صار يضاهي أكبر المؤسسات الإعلامية العالمية وأرقامنا تدل علينا، تلفزيون النهار الذي يتخصص بالمتابعات اليومية للحدث… في السنوات الثلاث الأخيرة فقط حصدت النهار عشرات الجوائز في مجالات الصحافة والتطوير الإبداعي”.
وختم: “نحن، أسرة مجموعة النهار الذين نفخر جداً بشجاعة ومثابرة وإيمان وحداثة من يقف على رأس مؤسستنا اليوم نايلة تويني ومعها وإلى جانبها كل أفراد فريقنا نعتبر أنّ أكبر جائزة حصلنا عليها ونتمسك بها هي وفاؤكم للنهار وإرثها العظيم”.
وبعد الكلمات، عقدت الزميلة ديانا سكيني ندوة حواريّة بعنوان “أي لبنان غداً”، بمشاركة السفير المصري في لبنان علاء موسى، الوزير السابق زياد بارود، ورئيس الجامعة الأميركية الدكتور فضلو خوري.
السفير المصري علاء موسى
استذكر السفير المصري علاء موسى جبران تويني الإنسان من خلال معرفته به، بجانبَيه السياسي والإعلامي، معتبراً أنّه “حمل رسالة “النهار” التي تغدو المؤسسة التي يتابعها من يريد أن يعرف أخبار لبنان”.
وتمنّى السفير المصري أن “تبقى المؤسّسة مواكبة للتطورات كما هي عليه اليوم من خلال حرصها على مفهوم الاعتدال”.
كما استعرض التجربة المصرية مع الإخوان المسلمين وصولاً الى حكم الشعب المصري وبلوغه النهج السياسي الذي يريد، مقارناً مع تجارب مرّ بها لبنان وصولاً إلى المرحلة الأخيرة التي وصفها بأنّها “فرصة على لبنان أن يحسن اغتنامها لخير الأيام المقبلة”.
وقال: “على لبنان أن يستثمر المرحلة الاخيرة والتغيرات في المنطقة للانتقال الى مراحل لا بدّ أنها تحمل الخير له”.
وشدّد على أهمية التزام لبنان بالقرارات الدولية والتي من شأنها أن تحصنه مما يحصل في الآونة الأخيرة، واصفاً التطورات الأخيرة أنّها “زلزال بكل المقاييس ودافع للبنان لتوفير الأمن والحرية”.
وأضاف: “أتصور هناك خطة يجب أن ننتهزها وبارقة أمل أمامنا، ولا شك الأجواء مهيّئة لانتخاب رئيس في المرحلة القريبة”، مؤكداً أنّه “علينا أن لا نطبق مفهوم الغالب والمغلوب”.
الوزير زياد بارود
اعتبر الوزير السابق زياد بارود أنّ “جبران قبل استشهاده كان دائماً ما يقول نريد أن نبني دولة، نريد الجيش اللبناني، نريد أن نضبط حدودنا وأن نكون أسياداً على أراضينا وهذا الكلام أيضاً لا يزال يصلح اليوم”.
أضاف: “المرحلة المقبلة هي مرحلة بناء وإعادة معاني الدولة ودورها لتعطي اللبنانيين حقهم بحماية حقيقية على المستوى السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي”، مشيراً إلى أنّ “جبران كان أكثر الناس استعداداً للحوار، وكان يدعو الجميع للتشاور والتفكير لإنقاذ البلد، والحوار اللبناني اللبناني يجب أن يكون عنوان المرحلة المقبلة”.
وعن الاستحقاق الرئاسي، قال إنّ “المهمة أهم من الاسم والجدل حول الأسماء غير مطلوب، نُريد رئيساً يتّفق مع رئيس الحكومة لتأدية الدور المطلوب منهم، نريد الكفاءة والنظافة من الرئيس المقبل”.
وأكد بارود أنّه “من خلال نهار الشباب، حاول جبران أن يقول: انظروا إلى هذا البلد والكفاءات الموجودة فيه لمستقبل هذا البلد”.
رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري
من جهته، لفت رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري إلى أنّ “الجامعة الأمركية هي عبارة صغيرة عن الوطن والدول العربية، ولديها دور تاريخي وتضمّ طلاباً من أكثر من 90 دولة، لا يملكون دوماً الأراء ذاتها، ودور الجامعة لا يقتصر على تحسين النخب وتصدير القدرة البشرية الهامة بل بناء مناخ لحوار صالح، حوار يجمع أشخاصاً يتفاهمون مع بعضهم في عدة مواضيع”.
أضاف: “في لبنان، لا يستطيع الجميع إبداء رأيه من دون خطر، دور الجامعة في لبنان أن تخلق اقتصاداً مستداماً بعناوين المسؤولية والمواطنة والمحاسبة، ويجب إعاة بناء القطاع المصرفي من جديد ومحاسبة المسؤولين عن الانهيار وجذب طاقة جديدة تستطيع جلب الاستثمار على هذا البلد”.
كما أكد خوري خلال الندوة أنّ “حرية الرأي والتعبير مقدسة وبدونها لا يوجد ابتكار، ومن المهم الحفاظ وحماية حرية الرأي التي يؤمن بها جبران وغسان ونايلة إيماناً مُطلقاً”.
وفي ختام اللقاء، دوّن الوزير المكاري على كتاب “النهار” رسالة للشهيد جبران تويني، قائلاً: “على صورة عريس الشهادة جبران تويني، صورة الحداثة، الحرية، الثقافة، الشباب والحرية. سوف نبني لبنان جديداً بعد كلّ المآسي. حان الأوان أن نستنتج أنّ لا خلاص إلّا بالدولة الحرّة السيّدة المستقلّة”.