خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
سئل الرئيس الأميركي المنتخب ترامب في حديث صحفي أمس: هل تثق بنتنياهو؟.
أجاب ترامب: أنا لا أثق بأحد!!
عبارة ترامب أنه لا يثق بأحد كانت ستكون صادمة لو أن رئيساً أميركياً غيره قالها؛ ولكن كون ترامب هو القائل فتبدو هذه العبارة عادية؛ وحتى نتنياهو سوف يفهمها بحجمها؛ ولكن مع ذلك سيعتبر أن عليه حتى لا يصطدم بعدم ثقة ترامب به أن يستعجل بإتمام عقد صفقة الأسرى مع حماس، ووقف الحرب في غزة.
كل التوقعات تؤكد أن صفقة تبادل الأسرى ووقف الحرب في غزة ستحصل خلال الأسبوع الأول أو الثاني من أول شهر في العام القادم (يناير ٢٠٢٥)، أي قبل يوم ٢٠ يناير موعد دخول ترامب إلى البيت الأبيض ليبدأ بالحكم.
نتنياهو بدأ يسوق أن هناك ثلاث جبهات من أصل الجبهات السبع التي تحدث عنها قد أنجزت عسكرياً: جبهة لبنان وجبهة سورية وأيضاً جبهة غزة التي يجري وضع اللمسات الأخيرة على حسمها – دائماً كما تقول إسرائيل -. هذه التصريحات لها خلفيتان إثنتان: الأولى أن نتنياهو وحتى سيموتيرتش اقتنعا بأنه لا يجب عليهما مقارعة ترامب بل يجب استقباله قبل يوم ٢٠ يناير بتقديم الهدايا السياسية له حتى تكسب حكومة نتنياهو رضاه.. وأول الهدايا التي سيقدمها لترامب اليمين الإسرائيلي بعد وقف الحرب في لبنان، هي وقف حرب غزة وإطلاق الأسرى لدى حماس الذين بينهم أسرى أميركيين.
الخلفية الثانية لتصريحات اليمين الإسرائيلي عن أن هناك ٣ جبهات تم حسمها من أصل سبع جبهات. تتمثل أولاً بأن إسرائيل تقول انها انتصرت على جبهات لبنان وسورية وغزة؛ وثانياً أنها تقول ان وقف إطلاق النار في غزة ولبنان وفي سورية لا يعني أن الحرب انتهت لأنه لا يزال يوجد ٤ جبهات يجب استكمال الحرب معها حتى تحقيق كل أهداف الحرب حسبما يردد نتنياهو دائماً؛ وهذه الجبهات الأربع هي: العراق وإيران واليمن والضفة الغربية.
حالياً يتقدم داخل إسرائيل خيار شن الحرب ضد إيران على كل الجبهات الأخرى؛ وما هو مطروح – ودائماً وفق ما تقوله إسرائيل – هو أن يتم بعد تحجيم حزب الله والقضاء على ترسانة الجيش العربي السوري النوعية والاستراتيجية ضرب المفاعل النووي الإيراني.
من خلال التدقيق بمجموعة اعتبارات وتطورات يمكن للمراقب القول ان إسرائيل باتت فعلياً على مقربة من القيام بنفيذ ضربة للمفاعل النووي الإيراني..
هناك الكثير من الأسباب التي تجعل نتنياهو مقتنع كلياً بأن وقت تنفيذ حلمه بقصف المفاعل النووي الإيراني هو الآن؛ بين هذه الأسباب ما ينقله عنه الإعلام العبري من أن ضرب ترسانة سورية العسكرية الاستراتيجية يخدم هدف الاقتراب من تدمير المفاعل النووي الإيراني؛ أيضاً هناك سيب آخر وهو قناعة إسرائيل بأن حزب الله بعد تدمير قدراته العسكرية، لم يعد قادراً على تنظيم أي رد عسكري من قبله على ضرب إسرائيل لإيران، الخ.
.. وأهم هذه الأسباب هو قناعة نتنياهو بأنه سيكون عليه حتى ٢٠ يناير المقبل الاستثمار بأقصى ما يستطيع بالهيبة العالمية والإقليمية لترامب الذي لا يثق بأحد والذي يخيف الجميع بحيث أن كل القوى تتجنب إغضابه وتضبط أعصابها حتى لا تستفز جنونه وعدم ثقته بأحد.
وبحسب السيناريو البيبي (أي نتنياهو) فإن إيران لن ترد على ضرب إسرائيل لمنشآتها النووية كونها ستخشى لو فعلت ذلك أن تصطدم باستفزاز ترامب ما يجعله يدخل معها باشتباك قد يتطور لحرب أميركية تدميرية للنظام الإيراني؛ وذلك على نحو يكرر مشهد الطريقة التي انهار بها النظام السوري: صدمة غير مألوفة، ثم انهيارات أسرع مما كان متوقعاً.
.. بهذا المعنى فإن المنطقة يتجاذبها ثلاثة منخفظات جوية سياسية وعسكرية عاصفة وخطرة بتداعياتها للغاية:
منخفض “ترامبي جوي عاصف” عنوانه أن ترامب لا يثق بأحد؛ وعليه فهو سيبدأ ولايته من نقطة الهجوم على خصومه وأصدقائه حتى يثبت الآخرين أن نواياهم جيدة. يقلب ترامب المعادلة بحيث لا تعود: المتهم بريء حتى يثبت العكس بل مذنب حتى يثبت العكس!!
المنخفض الجوي الثاني هو اقتراب قيام نتنياهو بضرب المفاعل النووي الإيراني قبل ٢٠ يناير.
المنخفض الجوي العاصف الثالث هو عدم القدرة على التوقع ما سيحدث في سورية: هل سيكون من الممكن احتواء الوضع وتثبيت استقرار، أم أن المرحلة الانتقالية في سورية سوف تفشل، وتدخل سورية مرحلة احتراب داخلي وفق نماذج الحرب الصومالية والليبية، الخ..