“المكبس” و”الكرسي الألماني”… أسرارُ “وحشية التعذيب” في سجون الأسد
بعد اكتشاف فظائع سجن صيدنايا السيئ السمعة في سوريا، تكشفت للعالم المجازر وأساليب التعذيب التي اعتمدها النظام السوري منذ عهد الرئيس حافظ الأسد وصولاً إلى ابنه بشار.
الصور المروعة التي تم توثيقها كشفت عن صدمات إنسانية غير مسبوقة في سجون النظام، والتي كانت بمثابة “المسالخ البشرية” الفعلية، وليس مجرد شائعات.
التقارير التي نشرتها الصحف الغربية صدمت العالم بالكشف عن تورط ضباط نازيين في بناء هذا النظام الوحشي من التعذيب.
وتكشف الوثائق أن النظام السوري استفاد من خبرة النازيين الحقيقية في تعذيب المعتقلين، وهو ما يثبت في صور الناجين من تلك السجون التي فتحت أبوابها أخيرًا بعد سقوط النظام.
في وقت ما بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت دمشق ملاذًا للنازيين الهاربين من أوروبا. من بين هؤلاء كان آلويس برونر، المساعد المقرب للمسؤول عن ترحيل آلاف اليهود إلى معسكرات الموت النازية.
وجد برونر نفسه في دمشق في خمسينيات القرن الماضي، حيث استقر هناك كلاجئ سياسي ومساعد لنظام “البعث”، مستشارًا أمنيًا استخدم خبراته في التعذيب والإستجواب، والتي اكتسبها خلال فترة خدمته في جهاز الأمن النازي.
تحت اسم مستعار، قدم برونر مساعدته للنظام السوري في بناء أدواته القمعية والتعذيبية. ساعد الأسد على بناء منظومة مخابراتية متوحشة قامت على أساليب قمعية مأخوذة من الحقبة النازية، وكان له دور كبير في تطوير أساليب تعذيب ممنهجة تهدف إلى سحق أي معارضة للنظام.
كما قام بتعليم ضباط الاستخبارات السورية أساليب تعذيب متقدمة، ما جعل السجون السورية مسارح لأبشع أنواع القمع.
أساليب التعذيب في سجون النظام السوري شملت أدوات كان قد ابتكرها النازيون مثل “الكرسي الألماني”، الذي يسبب كسرًا في عمود الضحية الفقري من خلال تمديد الظهر إلى أقصى حد ممكن. كما كانت تستخدم طرق تعذيب نفسية قاسية، مثل الحرمان من النوم وسماع صرخات المعذبين الآخرين، إضافة إلى الضغط النفسي المستمر لتهديد المعتقلين بالقتل الجماعي أو إعدامهم بطريقة بشعة.
في سجن صيدنايا، الذي يُعتبر من أسوأ المعتقلات السورية، تم إعدام ما بين 13 ألفًا و20 ألف معتقل في الفترة من 2011 إلى 2015 فقط. كان السجن يحتوي على “غرفة المكبس”، التي تم تصميمها لإعدام العشرات دفعة واحدة باستخدام ضغط مكاني.
كما تم العثور على مقابر جماعية استخدمها النظام للتخلص من جثث المعتقلين، وأشار الناجون إلى أن الأحماض الكيمياوية كانت تستخدم لتسريع تآكل الجثث وإخفاء الأدلة.
سجن تدمر أيضًا لم يكن أقل وحشية، حيث كانت الشهادات تؤكد أن الأساليب المعتمدة فيه كانت تعيد إلى الأذهان ممارسات معسكرات الاعتقال النازية.
أكد الباحث الإسرائيلي داني أورباخ في كتابه “الهاربون” أن علاقة النظام السوري بالنازيين كانت طويلة ومعقدة، حيث استعان حافظ الأسد في الستينيات بخبرات النازيين الهاربين مثل برونر. هؤلاء الضباط ساهموا في بناء أجهزة المخابرات السورية التي اعتمدت على أساليب قمعية لا مثيل لها في التاريخ الحديث.
لقد ترك النظام السوري إرثًا من القمع والتعذيب الذي تفوق على كل ما عرفه العالم في تاريخ أنظمة الحكم الديكتاتورية. فالمجزرة المستمرة في السجون والمعتقلات السورية، والتي شارك فيها النازيون الهاربون، تُعد شهادة على وحشية النظام في تعامله مع معارضيه، وهي تجسيد للوحشية المطلقة التي أدرجت سوريا في قائمة الأنظمة الأكثر قمعًا في العالم