خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
لم يظهر رئيس حكومة إسرائيل أمس بنيامين نتنياهو طوال ساعات؛ ثم جاء الخبر من وكالة رويترز التي قالت ان مروحية هبطت بالقرب من مستشفى هداسا في القدس ونقلت نتنياهو إلى القاهرة كي يجري مفاوضات اللحظة الأخيرة على صفقة تبادل الأسرى مع حماس. ولكن بعد ساعات قليلة صدر عن مكتب نتنياهو بيان ينفي فيه أنه ذهب إلى مصر؛ ولكن البيان لم يوضح إلى أين ذهب أو أين هو الآن!!
بعد فترة ظهر نتنياهو في صورة على الإعلام العبري وهو يرتدي درعاً عسكرياً ويجول في “منطقة ما” من الجولان.
ثم بدأت عقارب ساعة البحث عن نتنياهو تعود إلى الوراء، بمعنى صار يمكن ترتيب حكاية اختفائه انطلاقاً من يوم الأثنين لغاية يوم الثلاثاء وحتى ظهوره أخيراً: بدأت القصة يوم الأثنين حينما طلب نتنياهو من المحكمة التي يمثل أمامها ليرد على أسئلة اتهامه بتلقي رشاوى؛ أن تمنحه فترة سماح من المثول أمامها يوم الثلاثاء (أي يوم أمس) لأن لديه عمل مهم جداً ولا يمكن تأخيره؛ وافقت المحكمة على قبول عذره؛ ومع بدء صباح الثلاثاء اختفى نتنياهو عن رادار المتابعة السياسية في إسرائيل؛ وحصل هناك تسابق بين أجهزة الإعلام لكشف مكانه؛ وبدأت الشائعات تتعاظم؛ حتى ظهر خبر في رويترز يقول ان نتنياهو سافر منذ الصباح للقاهرة من أجل التوقيع على اتفاق تبادل الأسرى مع حماس!!. الكثيرون شككوا بصحة الخبر، وتساءل هؤلاء: هل تحول نتنياهو إلى عضو في الوفد المفاوض الذي يخضع أصلاً لقراره السياسي وتوجيهاته!؟؛ ولماذا على نتنياهو أن يذهب إلى القاهرة ليوقع أوراق الاتفاق؛ إذ يمكن ببساطة إحضارها إلى مكتبه في القدس المحتلة ليوقعها!
بعد نحو ساعتين من نشر خبر وجوده في القاهرة أصدر مكتب نتنياهو بياناً ينفي فيه أنه في مصر، ولكن البيان تكتم على مكان وجوده؛ ثم يمضي وقت طويل حتى ظهر نتنياهو أخيراً في صورة وزعت على الإعلام، وفحواها يدلل على أنه موجود بجولة تفقدية في الجولان السوري الذي تم احتلاله قبل أيام.
من هناك قال نتنياهو نحن باقون في جبل الشيخ طالما كان ذلك ضرورياً؟؟.. لا أحد يعلم ما هي هذه الضرورة التي يقصدها نتنياهو؛ ولا أحد يعلم متى ستنتفي؟!
.. لكن أيضاً مرة أخرى يجب إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لتفحص كيف بدأت تصريحات نتنياهو بخصوص احتلال اسرائيل للجولان السوري (أي الجولان غير المحتل عام ١٩٦٧) وكيف تصاعدت وأصبحت الآن، وكيف ستصبح في المستقبل.. ومؤشر تصاعد كلام نتنياهو عن جبل الشيخ (ما يسمى بالجولان السوري) تتالى كالتالي: بعد يومين من احتلاله للجولان السوري قال نتنياهو ان الجيش سيبقى في جبل الشيخ لفترة محدودة. ثم بعد ثلاثة أيام قال ان الجيش سيبقى على جبل الشيخ طيلة الشتاء؛ وأمس قال نتنياهو، وهو يتفقد المرتفعات المحتلة مؤخراً من جبل الشيخ في الجولان: سنبقى هنا حسب الحاجة والضرورة؛ أي أن بقاء الاحتلال الإسرائيلي، مفتوح وليس له وقت محدد. وصار يمكن توقع ما سيقوله نتنياهو بعد فترة عن احتلال إسرائيل لهذه لمنطقة: سنبقى في هذه الأرض لأنها جزء من أرض إسرائيل؛ ولن نتخلى عنها.
والواقع أن هذا التصريح المرتقب والمتوقع من نتنياهو حول إعلانه ضم جبل الشيخ لإسرائيل؛ يتناسب ولا يتناقض مع تصريحات ترامب التي أعلن فيها مؤخراً أن مساحة إسرائيل صغيرة ويجب توسعتها.
ومن جهة ثانية فإن نفس تصريح نتنياهو المرتقب عن ضم “الجولان السوري” حسب التسمية الشائعة، يتناسب أيضاً مع تصريحات جدعون ساعر الذي تم إضافته مؤخراً لحكومة نتنياهو كوزير للخارجية، حيث قال ساعر انه “يجب تدفيع الأعداء الذين يشنون الحرب علينا ثمناً جغرافياً”!!.
والواقع أن نظام الأسد لم يشن حرباً على إسرائيل، ومع ذلك يتم تدفيع سورية “ثمناً جغرافياً” بحسب مصطلح ساعر؛ ولكن المهم هنا أيضاً التنبه لحقيقة أن الحديث كان يجري خلال الأسابيع الماضية عن أن إسرائيل ستستغل وجود إدارة ترامب، وتعلن ضم الضفة الغربية؛ غير أنه تبين الآن أن ما قصده ترامب بتكبير وتوسيع مساحة إسرائيل لا يشمل فقط الضفة الغربية بل أيضاً مرتفعات جبل الشيخ السورية وشمال قطاع غزة الذي تم تهجيره، وربما قرى الحافة اللبنانية الواقعة على الحدود مع فلسطين المحتلة؛ خاصة بعدما ظهر أن إسرائيل تجرف وتنسف منازل هذه القرى حتى تمنع الحياة فيها.