موقف لحظة:
السنّة في لبنان: طائفة الدولة والطائف
المصدر: جريدة اللواء
على مدى العقود الماضية، كان السنّة في لبنان في طليعة المساهمين في الحفاظ على استقرار لبنان وحماية الدستور وصيانة الوحدة الوطنية، وشكّلوا ركيزةً أساسية لصيغة العيش المشترك، ولعبوا دوراً محوريًا في الحفاظ على علاقات لبنان مع محيطه العربي، خصوصًا مع المملكة العربية السعودية، التي وقفت إلى جانب لبنان في جميع أزماته كما في أيّام عزّه، وشكّلت داعمًا رئيسيًا لنهضته واستقراره وإعادة إعماره، ورعت وثيقة الوفاق الوطني وساهمت في توصّل اللبنانيّين الى اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية وحلّ الميليشيات وأعاد للدولة والشرعية اعتبارهما رغم كل الشوائب في تطبيقه.
فمنذ نشوء لبنان، برزت في الطائفة السنّية شخصيات قيادية حملت على عاتقها مشروع بناء الدولة. الرئيس رياض الصلح كان أول من خطّ معالم الجمهورية الأولى، وسعى مع باقي رجالات الاستقلال إلى تحقيق استقلال لبنان وترسيخه وتكريس الشراكة الوطنية، لكنه دفع حياته ثمنًا لمواقفه الوطنية وسقط شهيداً في العام ١٩٥١.

بعد اغتيال الرئيس الصلح، برزت شخصيات سنّية وطنية أخرى كرّست نهج الاعتدال والوفاق الوطني، منهم الرئيس صائب سلام الذي كان من أبرز من عملوا على تحقيق التوازن الوطني، حيث شكّلت عبارته الشهيرة «لا غالب ولا مغلوب»، ولا تزال، قاعدةً أساسية للحفاظ على السلم الأهلي والتمسّك بالشراكة الوطنية.
ومع دخول لبنان في الحرب الأهلية، تصدّرت الطائفة السنية المشهد السياسي والمأساوي من جديد، من خلال الرئيس رشيد كرامي الذي كان رمزًا للاعتدال والانفتاح والحرص على الشرعية، قبل أن يُغتال في الأول من حزيران من العام ١٩٨٧ بواسطة عبوة ناسفة زُرعت تحت مقعده في الطوافة العسكرية التي كان على متنها، في محاولةٍ لعرقلة دوره في حماية وحدة لبنان ومواجهته محاولات تقسيمه الى كانتوناتٍ طائفية.
