الهديل

خاص الهديل: سورية ذاهبة لأفق تركي على حساب أفقها الطبيعي العربي

خاص الهديل….

بقلم: ناصر شرارة 

رد وزير خارجية تركيا هاكان فيدان على كلام ترامب الذي قال فيه “تركيا ذكية جداً؛ لقد نفذت سيطرة على سورية غير ودية، ولكنها لم تمس بأشخاص كثيرين”؛ رد فيدان “إذا كانت هناك سيطرة، فهي للشعب السوري”..

الصحفي الإسرائيلي تسفي يرئيل من كتاب هآرتس يقول “ترامب لم يكن دقيقاً، لأن تركيا نفذت سيطرة ودية على سورية”.

قائد سورية الجديدة أحمد الشرع أدلى بحديث لجريدة تركية (يني شفق) مقربة من الحكومة، امتدح فيه أنقرة وقال “سيكون لتركيا أولوية في إعادة إعمار سورية”.

وأضاف “نؤمن بأن تركيا ستشاركنا التجربة التي راكمتها في تطويرها للاقتصاد”.

حدد الشرع في الواقع أغلى هدفين إثنين يريدهما أردوغان في سورية؛ أولهما اعتراف حكام سورية الجدد بمنح تركيا حصة متقدمة في إعادة إعمار سورية؛ والثاني أن تذهب سورية في طريقة الحكم لاعتماد النموذج التركي؛ وهذا يعني أن وجه سورية سيصبح نحو تركيا وليس نحو أفقها العربي. 

مضمون حديثه لجريدة “يني شفق” يؤمن للشرع تغطية دولية يبحث عنها بمشاركة أنقرة. بلينكن عبّر عن مخاوف أن تكون هيئة تحرير الشام تصرح عن اعتدالها وفق وصفة طالبان التي قالت في البداية كلاماً معتدلاً، ثم انقلبت عليه عندما تمكنت في الحكم.

في إحدى لقاءاته مع وسيلة إعلام غربية قال الشرع “لن يكون هناك في سورية تجربة حكم تحاكي طالبان، لأن اجتماع سورية وثقافة شعبها تختلف عن أفغانستان”. 

هذا الكلام كان غير مقبول لا في تركيا ولا في أميركا ولا حتى عند الشرع؛ لماذا؟.. لأنه قبل أن تسقط دمشق ويصبح الأسد خارج سورية كان الغرب يرحب باقتراب هيئة تحرير الشام من نموذج طالبان؛ لأن معنى الطالبانية السورية خلال تواجد نفوذ إيران في سورية والإقليم؛ كان له معنى محبب في واشنطن، وكان يعطي أبو محمد الجولاني الشرعية ليدعم الغرب مهمته؛ فالطالبانية السورية حينها وليس الآن، كانت تعني أنه بمثلما أن واشنطن نجحت مع العرب بحشد السلفية الإسلامية الجهادية بوجه المد الشيوعي السوفياتي، وتم طرد موسكو من أفغانستان؛ فإن واشنطن تستطيع أن تعتمد اليوم على أحمد الشرع الذي يقوم بحشد السلفية الجهادية ضد المد الشيعي الإيراني لطرد طهران من سورية وبالتالي طردها من كل المنطقة. 

مؤخراً أحمد الشرع لفت نظر الغرب إلى أنه حقق هدف إخراج إيران من سورية والمنطقة؛ وأنجز مهمة أن في سورية طالبانية ضد إيران تحاكي مثلاً الطالبانية ضد الإتحاد السوفياتي؛ وعليه لم يعد الشرع الآن يحتاج لإظهار نفيه داخل إطار النموذج الطالباني الأفغاني؛ وأيضاً الغرب لم يعد يحتاج الطالبانية السورية طالما أن طهران أصبحت خارج سورية؛ بل تريد أن ترى نموذجاً إسلامياً في سورية يبتعد عن الأفغنة الإسلامية وعن التطرف الإسلامي.

والواقع أن خروج أبو محمد الجولاني إلى داخل صورة أحمد الشرع تحتم إجراء تحول في توجهات هيئة تحرير الشام وذلك على نحو يشبه التحولات التي فعلها الجولاني طوال العقد الماضي؛ حيث بدأ متردداً على المسجد الشافعي في دمشق ثم تحول في العراق إلى داعش ومن ثم أصبح قاعدة وبعد ذلك صار جبهة فتح الشام وحالياً أصبح هيئة تحرير الشام؛ وغداً لا بد أن يكون هناك تحول في إسم حزبه يناسب المرحلة الجديدة التي تمتاز بأن عليه خلالها أولاً التخلص من دوره الطالباني الذي كان مطلوباً قبل خروج إيران من سورية؛ وثانياً الذهاب إلى نموذج إسلامي جديد لا يعادي إسرائيل ولا بفرض مناهج حياة وتعليم ترفضها واشنطن وتعتبر وجودها يشجع تطرف الأجيال الجديدة ضد أميركا… 

يجد أردوغان في الوصفة الدولية المطروحة حالياً بخصوص ما يجب أن يكون عليه أحمد الشرع، فرصته ليطرح نموذجه الإسلامي التركي ليطبق على سورية؛ ولا يبدو أن الشرع يعارض ذلك؛ ولكنه يضع له توصيف آخر وهو القول “أن سورية تؤمن بالشراكة مع تركيا لتفيد بلاده من التطور التركي الاقتصادي”.. 

ما تقدم يوحي أن سورية ذاهبة لفضاء تركي شمولي حياتي واقتصادي واجتماعي وثقافي وديني؛ ولا شك أن ذلك سيتم على حساب الأفق العربي لسورية.

Exit mobile version