الهديل

خاص الهديل: إسرائيل تعترف بعد ٤٤٥ يوماً من الحرب: المشكلة في نقص الاحتياط البشري للجيش!!

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة 

أفي اشكنازي ويتسحاق بريك يكتبان أمس كل على حدا في صحيفتي معاريف ويديعوت احرنوت عن تقدير الموقف من وجهة نظر إسرائيل في حرب غزة التي مضى عليها ٤٤٥ يوماً.

هناك تضاد وتناقض في تحليل موقف إسرائيل في غزة بين عرضي اشكنازي وبريك له؛ ولكنهما يلتقيان عند النتيجة أو عند الخلاصة الراهنة وهي حقيقة أن إسرائيل تواجه أزمة في غزة، وعليها معالجتها بأقصى سرعة.

الفرق هنا بين الرأيين يقع في أن اشكنازي لا يرى أن هذه الأزمة ناتجة عن كون الجيش الإسرائيلي لم يحقق إنجازات وحتى نصر على حماس في غزة؛ بل هو يعتبر أن حرب إسرائيل في غزة انتهت، ولكن المشكلة تقع في أن نتنياهو لأسباب شخصية لا يريد وقفها. 

أما بريك – وهو من كبار القادة العسكريين السابقين – فيقول ليس صحيحاً أن حماس هزمت أو أن حزب الله هزم؛ الطرفان تعرضا للضعف، ولكنهما لا يزالان يملكان قوة معتبرة. 

.. عن حماس يقول بريك إنها عوضت خسائرها ب ٣٠٠٠ مقاتلاً جديداً تتراوح أعمارهم بين ١٨ و٢٠ عاماً؛ وأن الإنفاق تحت محوري نتساريم وفيلادلفيا لا تزال تعمل؛ وأن خط تهريب السلاح من مصر إلى غزة لا يزال بخير…

طبعاً اشكنازي في مقالته يقول تماماً عكس بريك في مجال توصيفه للوضع الميداني، فهو يعتبر أن حماس شبه انتهت، وأن الجيش الإسرائيلي بات يستطيع التراجع إلى الحدود، ومن هناك ستمكنه قوته العسكرية وسلاحه المتطور (مسيرات وصواريخ دقيقة وحوامات) من قنص أي مقاتل حماساوي يخرج من نفقه. ويقول اشكنازي إن بقاء الجيش في غزة هو المشكلة لأنه يعرضه لدفع ثمن بشري؛ علماً أنه لم يعد حاجة استراتيجية للبقاء لأنه تم إنجاز ضرب البنية الأساسية العسكرية لحماس وتم ضرب بنية الإنفاق الاستراتيجية والتنظيمية.

إذن المشكلة من وجهة نظر اشكنازي وبريك لا تزال موجودة في غزة، ولكن النظرة إلى أسباب هذه المشكلة تختلف بين كيف يراها بريك وكيف يراها اشكنازي. وهذا الفارق في النظر لأسباب المشكلة في غزة، فيما هناك اتفاق على استخراج النتيجة وهي الخروج من غزة، توضح أن إسرائيل بغض النظر عن قوة حماس من عدمه، دخلت حالياً ومع استمرار سياسة نتنياهو مأزق وحل غزة، والحل الوحيد هو بالخروج منها كما ينصح بريك الذي يقول إن إسرائيل لم تنتصر في غزة، أو كما يوصي اشكنازي الذي يقول إن إسرائيل انتصرت عسكرياً واستراتيجياً في غزة.

إذن الجميع في إسرائيل – عدا نتنياهو – عادوا إلى استنتاج شارون ومفاده يجب الخروج من وحل غزة؛ وأن أفضل حل لأزمة غزة هو إدارة الظهر لغزة. 

يبقى من المهم التوقف ولو بعجالة عند سؤال لماذا يقول بريك أن الجيش الإسرائيلي لم ينتصر في غزة!! بنظر بريك الذي كان توقع حدث ٧ أكتوبر قبل أشهر من حدوثه، أن المشكلة تعود إلى ما قبل حرب غزة؛ وهي تتعلق بأضرار أصابت بنية الجيش الإسرائيلي في خلال السنوات العشرين الأخيرة، نتيجة أن الجيش قام بتقليص حجم قوته البرية، فجرى تقليص آلاف الدبابات وخفض ٥٠ بالمئة من كتائب المدفعية وتقليص ألوية المشاة؛ وإجمالاً تم إلغاء ست فرق. وهذا الأمر سبب افتقار الجيش إلى الاحتياط البشري اللازم للمناورة بعمق داخل صفوف العدو؛ والبقاء في المناطق التي يسيطر عليها والانتشار في عدة جبهات في وقت واحد.

اشكنازي بشكل غير مباشر يعترف بهذه المشكلة في الاحتياط البشري للجيش، ولكنه يرى أن حلها موجود ويتمثل بتراجع الجيش لحدود غزة وعدم الاستمرار بلعبة الاستمرار بالهجوم داخلها؛ وبدل ذلك الاعتماد على سلاحه المتطور لملاحقة مقاتلي حماس حينما يظهرون خارج الأنفاق..

قصارى القول أن إسرائيل تكتشف بعد ٤٤٥ يوماً من الحرب أن المشكلة تكمن في الاحتياط البري للجيش الإسرائيلي، وأن الحل يكمن بعدم التوغل في “أرض العدو” حتى يتم تصحيح هذا الخلل حسب مدرسة بريك (زيادة الاحتياط البري) أو تعويض ذلك بالتراجع إلى الحدود الأولى للاحتلال؛ وجعل السلاح المتطور يهاجم “عمق تواجد مقاتلي العدو” بدل الجندي البري الذي لا يملك قدرة البقاء في المناطق التي يحتلها..

Exit mobile version