خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
بقي نصف فترة مهلة الستين يوماً التي هي عمر فترة وقف النار بين لبنان وإسرائيل.. وبحلول نهاية هذه المهلة سوف يتضح ما إذا كان وقف النار قابل للصمود، أم أنه سينهار..
بحسب معلومات شاعت في الأيام الماضية فإن آموس هوكشتاين المبعوث الرئاسي لإدارة بايدن سيصل إلى لبنان بمهمة إجراء صيانة لوقف إطلاق النار الذي يتعرض لخروقات إسرائيلية خطرة. ولكن الاستنجاد بهوكشتاين حتى يوقف مساراً متعاظماً من تراجع تثبيت وقف النار، يعني أموراً أساسية وجميعها تدعو للقلق:
أول هذه الأمور يتمثل بأن اللجنة الدولية برئاسة الولايات المتحدة الأميركية وعضوية فرنسا ودول أخرى التي شكلت لتشرف على صيانة وقف النار وتنفيذ تطبيقات القرار ١٧٠١، وفق ما جرى التوقيع عليه بين لبنان وإسرائيل قبل نحو شهر، ليست على ما يبدو (أي هذه اللجنة) فاعلة على النحو الذي ظنه لبنان على الأقل. فعلى الرغم من أنه تم تسليح هذه اللجنة برئيس أميركي حتى تعكس هيبة واشنطن خلال تنفيذ موجبات القرار ١٧٠١ إلا أن الواقع على الأرض يوحي أن إسرائيل لا تعمل أي حساب للجنة المرؤسة من جنرال أميركي.
لقد قامت إسرائيل أمس بتوسيع منطقة تواجدها في حافة الحدود الجنوبية، وتوغلت دباباتها في وادي الحجير ما يعتبر تحدياً كبيراً وغير مسبوق لهدنة وقف النار الجارية حالياً. وخطورة هذا التوغل العدواني الإسرائيلي يكمن في دلالاته من جهة، وأيضاً في الرسالة التي أراد إطلاقها من جهة ثانية.
أبرز هذه الدلالات تكمن في أن التقدم باتجاه وادي الحجير جرى بعد نحو ٣٦ ساعة من طلب رئيسيّ مجلس النواب والحكومة نبيه بري ونجيب ميقاتي من رئيس لجنة المراقبة الأميركي أن يضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها لوقف النار في منطقة الـ١٧٠١؛ ولقد جاءت نتائج توسيطه صادمة لبيروت إذ اسفرت عن زيادة إسرائيل لخروقاتها!!
أما الرسالة التي تريد إسرائيل إيصالها فهي واضحة ومفادها أن لها اليد الطولى بخصوص الطريقة التي تريد من خلالها تنفيذ اتفاق تطبيقات تنفيذ القرار ١٧٠١؛ وأيضاً تقول الرسالة الإسرائيلية أن رئيس لجنة المراقبة الأميركي لا يملك القدرة ولا التفويض من بلده للضغط على إسرائيل، بل كل وظيفته
هي جعل إسرائيل مرتاحة في مرحلة ما بعد توقيع اتفاق تنفيذ القرار ١٧٠١.
السؤال هل سيستمر حال لجنة المراقبة على هذا الحال من الوهن تجاه إسرائيل (والمحبط للبنان) خلال مرحلة ما بعد ذهاب بايدن ومجيء ترامب؟؟.
.. بمعنى آخر، هل ضعف بايدن هو الذي يتسبب بتمرد إسرائيل على لجنة المراقبة ورئيسها الأميركي، وبالتالي هل هذا الضعف من قبل اللجنة ورئيسها الأميركي تجاه إسرائيل سيتبدد بعد وصول الرئيس القوي ترامب للبيت الأبيض؟؟.
الإجابة في هذه اللحظة عن هذا السؤال تظل افتراضية، كونه لا أحد يمكن توقع كيف سيتصرف ترامب الذي قد يكون منشغلاً مع بدء عهده بفتح حروب تجارية… وما هو مهم اليوم بالنسبة للبنان بشكل مبدئي هو أن تبدي بيروت إرادة الصمود بدعم استمرار التزامها بالاتفاق قائماً، وذلك أقله بانتظار ما سيحمله هوكشتاين من علاجات للتغول الإسرائيلي على القرار ١٧٠١؛ وأساساً بانتظار ما إذا كانت إسرائيل بعد انتهاء مهلة الستين يوماً ستنفذ تعهدها بالانسحاب من منطقة الحافة الحدودية، أم أنها ستبقى فيها مع احتمال أن تقوم بتوسعتها أو حتى برسم خط حدودي عن مصب الليطاني..
الأمر الآخر الذي يثيره تمادي إسرائيل بخرق اتفاق وقف النار المفترض استمراره لمدة ستين يوماً، هو محاولة إسرائيل عبر خروقاتها جس نبض الموقف الذي سيتخذه حزب الله من جهة وبيروت الرسمية من جهة ثانية، في حال قررت تل أبيب المضي قدماً بواحد من خيارين إثنين: الأول إنشاء حزام أمني حتى مصب نهر الليطاني؛ الثاني البقاء بعد مضي الستين يوماً في قرى الحافة الحدودية (٣ كلم) حتى تأكدها بحسب زعمها من تطبيق حزب الله لكل مندرجات القرار ١٧٠١.
واضح ان إسرائيل تفتح بازر ضد لبنان له شقين إثنين: الأول إحراج للجيش اللبناني لعرقلة تنفيذه مهمة الانتشار في منطقة عمليات الـ١٧ج١ والشق الثاني يتم تنفيذه بنفس الوقت وهو ممارسة عملية “استفزاز حزب الله” حتى تكشف ما تبقى من قوته الحقيقة بعد الضربات التي وجهتها إليه.
لدى لبنان شهر صعب (بقية فترة هدنة الستين يوماً) سيحفل بتكثيف إسرائيلي لمناورات إحراج الجيش واستفزاز حزب الله؛ وبمواجهة ذلك فإن كل المطلوب من لبنان هو الصمود بوجه هذه المناورة الإسرائيلية، والتحرك بمواجهتها على نحو موحد وذلك عن طريق إظهار كل الدعم السياسي والوطني لمهمة الجيش في جنوب لبنان..