خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
إحدى القنوات الإعلامية الإسرائيلية سربت أمس معلومات خطرة حول كيف تفكر حكومة نتنياهو بخصوص ما عليها أن تفعله في اليوم ٦١ بعد انتهاء هدنة الشهرين بين إسرائيل وحزب الله وفق اتفاق وقف النار الموقع بين لبنان وإسرائيل.
تقول المعلومات أن إسرائيل قد لا تنسحب من لبنان بعد انتهاء فترة هدنة الستين يوماً كما ينص الاتفاق؛ أو بتعبير أدق تقول هذه المعلومات أن إسرائيل لن تنسحب.
وهناك سببان إثنان قادا حكومة نتنياهو لاتخاذ قرار عدم الإنسحاب من لبنان بعد انتهاء الهدنة:
الأول لأن الجيش اللبناني غير جاهز للانتشار على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة؛ وذلك لعدة أسباب بينها أنه ينقصه المال والأفراد(!!).
والسبب الثاني هو خطاب الشيخ نعيم قاسم أمس الذي فسرته الحكومة الإسرائيلية بأنه رسالة تهديد مضمونها أن حزب الله يحضر ليقوم بالعودة للحرب في اليوم ٦١!!.
تقول معلومات القناة الإسرائيلية المسربة عن حكومة نتنياهو أن الشيخ قاسم في خطابه أمس هدد بالعودة للحرب وذلك تحديداً حينما قال أولاً ان المقاومة مستمرة وثانياً عندما قال ان حزب الله كسر شوكة إسرائيل وثالثاً حينما أعلن أن إسرائيل لم تستطع تحقيق أهدافها.
وتخلص حكومة نتنياهو من كل ذلك للاستنتاج بأنه طالما أن الشيخ نعيم قاسم يهدد فإنه يتوجب على إسرائيل البقاء في لبنان(!!).
واضح أن إسرائيل تفتعل مبررات كي تطيل أمد وجودها العسكري داخل أراضي لبنان، وذلك من أجل تحويل هذا الوجود العسكري مع الوقت إلى نوع من الاحتلال.
وتعمل إسرائيل على ثلاثة خطوط سياسية وعسكرية مكشوفة، ولكنها قد تكون فاعلة بانتاج أهداف لها، خاصة في حال لم يتنبه لبنان لنوايا إسرائيل ولم يعمل على مواجهتها بإجراءات وطنية وتنم عن وجود دولة، وليست فئوية:
الخط الأول هو خدمة الهدف الأساس لنتنياهو الذي يساور تفكيره منذ اللحظة الأولى لقبوله بتوقيع اتفاق هدنة الستين يوماً مع لبنان. ومضمون هدف نتنياهو المركزي هذا هو أن يقول للعالم وبخاصة لأعضاء لجنة مراقبة وقف النار أنه لا يوجد دولة في لبنان حتى تنفذ الإتفاق؛ ولا يوجد قدرة للجيش اللبناني على تطبيق الإتفاق.
أصلاً كان السؤال الذي طرح نفسه منذ البداية، هو لماذا أصر نتنياهو على تضمين الإتفاق فقرات توصي بأنه يتوجب على الدولة اللبنانية خلال ستين يوماً التي هي فترة الهدنة، تطبيق موجبات القرار ١٧٠١!!؛ كان واضحاً للبعيد والقريب أن الدولة اللبنانية لن تستطيع في ستين يوماً تطبيق قرار يبلغ عمر عدم تطبيق نحو عقدين من الزمن؛ أي منذ العام ٢٠٠٦ الذي شهد إقرار القرار ١٧٠١ من دون أن يؤدي ذلك حينها لتنفيذه من قبل جميع الأطراف.
أول العارفين بأن تطبيق القرار لن يتم بظرف ستين يوماً هو نتنياهو ذاته؛ ولذلك أورد فيه شرط أن تنفذه الدولة اللبنانية بظرف ستين يوماً وكان ولا زال هدفه من ذلك أن تخرج إسرائيل بعد ستين يوماً وتقول لا يوجد في لبنان “دولة” حتى تطبق الإتفاق؛ ولا يوجد قدرة للجيش لا من حيث ماليته ولا من حيث عديده، لتطبيق الإتفاق لا في منطقة جنوب الليطاني ولا في منطقة شمال الليطاني.
واضح ماذا يريد نتنياهو وبالمقابل يفترض أن يكون واضحاً ماذا يجب على لبنان فعله؛ وهو أمران لا ثالث لهما: الأول هو التمسك بإظهار وجود الدولة في لبنان؛ والمدخل لذلك في هذه المرحلة هو انتخاب رئيس للجمهورية.
الأمر الثاني هو وقوف كل اللبنانيين بلا استثناء وراء دعم نجاح مهمة الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني.
أما بخصوص السبب الثاني الذي تورده حكومة إسرائيل لتبرير عدم انسحابها من لبنان بعد انتهاء مهلة الستين يوماً؛ والمتعلق بخطاب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم يوم أمس؛ فيبدو واضحاً أن هذا السبب مفتعل، وذلك لعدة أسباب؛ أولها أن قناة ١٢ الإسرائيلية كانت بثت قبل نحو ثلاثة أيام معلومة تقول ان إسرائيل أبلغت واشنطن بأنه قد لا تكون مستعدة للإنسحاب من لبنان بعد انقضاء هدنة الستين يوماً حسبما هو مقرر في اتفاق وقف النار. وعليه فإن قرار حكومة نتنياهو بعدم الانسحاب سابق لخطاب الشيخ قاسم؛ وواضح أن تل أبيب استغلت خطابه حتى تدعم مسوغات قرار متخذ مسبقاً بعدم الإنسحاب.
ثانياً- من المستغرب أن تعتبر إسرائيل كلام الشيخ قاسم كإثبات مادي يبرر لها عدم الإنسحاب؛ فإسرائيل تقول أن خطابه اشتمل على تهديد بأن الحزب سيعود للحرب بعد ٦٠ يوماً ولذلك يحق لإسرائيل كسر الاتفاق والبقاء داخل لبنان؛ غير أن ما يفوت تل أبيب هنا هو أن الاتفاق لا ينص على منع إطلاق أي تهديد خطابي من قبل حزب الله ضد إسرائيل!!. وعليه كيف يمكن تفسير التهديد الكلامي بأن له مرتبة التهديد المادي الذي يقول الاتفاق انه يمكن لإسرائيل في حال وجوده أن تتحرك لاتخاذ إجراء فعلي!!.
نتنياهو بعد انتهاء مهلة الستين يوماً سيقول لولشنطن: سأبقى في لبنان؛ وهدفه من ذلك استكمال الحرب على لبنان وانطلاقاً منه ضد المنطقة: وعليه يبدو واضحاً أن المستهدف هو غايات أبعد من حزب الله!!.. وكل المطلوب لبنانياً حالياً هو عدم إعطاء إسرائيل الذريعة الرئيسة لاستمرار حربها الإقليمية في لبنان وانطلاقاً من لبنان نحو الإقليم؛ وهذه الذريعة التي يريدها نتنياهو تتلخص بعبارتين إثنتين: “لا يوجد دولة في لبنان” و”الجيش اللبناني غير قادر”!!.