خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
أمس كان يزيد بن فرحان في بيروت واليوم ظهراً يصل هوكشتاين إلى الناقورة حيث مقر لجنة مراقبة وقف إطلاق النار.
المهم هو أن هوكشتاين وصل بيروت التي غادرها يزيد الفرحان من السعودية. والرسالة واضحة: الرياض هي البوابة العربية التي يعتمدها الأميركي للدخول إلى لبنان. هذا يعني عدة أمور؛ الأبرز بينها أن التحول الإقليمي في سورية المتمثل بدخول أنقرة بقوة إلى ملف المشرق العربي لن يؤدي إلى جعل تركيا تحل مكان السعودية بمسألة إدارة الوضع السني اللبناني. التقى الفرحان بمرجعيات السنية السياسية المتوفرة حالياً: تمام سلام وفؤاد السنيورة وبهية الحريري؛ هذه أول إشارة – ولو من بعيد – إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يفسح المجال – لأول مرة منذ عدة سنوات – ليكون سعد الحريري ممثلاً في لقاءات السعودية السياسية الخاصة بلبنان؛ ولو كان ذلك من خلال عمته بهية، ولكن المهم هنا هو أن وجود بهية التي ليس لها صفة رئيس حكومة سابق وليس لها إلا صفة واحدة وهي عمة سعد الحريري وممثلة وزن شقيقها وسعد الحريري في صيدا عاصمة الجنوب إنما يعكس تطوراً ولو مضمراً وهو أن سعد الحريري بات موجوداً من جديد في أجندة اعتبارات السياسة السعودية اللبنانية.. والسؤال الآن هو كيف سيظهر هذا الاعتراف السعودي بأمر كان هناك تجاهل له؟!
ثمة ثلاث سيناريوهات: الأول أن يتم اعتبار تمام سلام هو ممثل نادي السياسة السنية اللبنانية المدعومة سعودياً.
هذا السيناريو تريده الرياض ولكنه يصطدم بعدم رغبة تمام سلام الحقيقية بتصدر المشهد السياسي خلال المرحلة المقبلة من خلال تولي منصب رئاسة الحكومة.
السيناريو الثاني أن تتولى بهية الحريري رئاسة الحكومة كبديل لسعد الحريري؛ وبهذه الطريقة يحل السعودي أزمة أن التجربة مع الشارع السني طوال السنوات الماضية لن تسفر عن إيجاد زعامة بديلة لسعد الحريري وللزعامة الحريرية..
.. ولكن هذا السيناريو يصطدم أيضاً برفض بهية الحريري أن تأخذ مكان ابن شقيقها سعد؛ وهذا الأمر أعلنته بهية وولداها أحمد ونادر بوضوح خلال الفترات الماضية الحرجة.
بقي السيناريو الثالث الذي قد يدعو للعودة إلى صيغة اعتماد فؤاد السنيورة كرئيس حكومة لمرحلة انتقالية داحل حالة الفراغ السني القيادي؛ أي تجديد دوره على هذا الصعيد الذي استخدم غير مرة في الماضي. ولكن جملة معطيات أثبتت أن هذا الدور للسنيورة لم يعد ممكناً بدليل الفشل الذي صادفه في آخر الأدوار التي كلف بها من قبل الرياض بخصوص إدارة ملف الانتخابات السنية النيابية.
إن أهم الخلاصات التي يمكن استنتاجها من ضم بهية الحريري لاجتماع نادي رؤساء الحكومات السنة السابقين هو التالي:
أولاً- لم يدع لهذا الاجتماع من خارج ثنائية السنيورة – سلام الرئاسية سوى بهية الحريري؛ وهذا الأمر له تفسير واحد وهو الحرص السعودي على أن يتمثل بشكل من الأشكال سعد الحريري في هذا الاجتماع حتى يصبح معناه السني كاملاً أو دسماً أو أقله ليس باهتاً.
ثانياً- ان الرئيسين السنيورة وسلام – وكل منهما لسبب مختلف – لن يكون أحدهما رئيساً للحكومة المقبلة؛ في حين أن سعد الحريري قد يكون بحاجة لفترة انتقالية؛ وعليه فإن السعودية في هذه اللحظة وعبر يزيد بن فرحان وجهت رسالة تقول ان الإجماع السني اللبناني في جيبها؛ وأن الخيار المقبل لرئاسة الحكومة هو وجه سني جديد تؤمن له الرياض تأييد بيئة سنية نيابية واسعة زائد النادي السني الرئاسي ودار الفتوى..