الهديل

خاص الهديل: هل رفع العقوبات الجزئي عن سوريا خطوة يليها إزالة هيئة تحرير الشام من لوائح الإرهاب؟

خاص الهديل…

قهرمان مصطفى

على الرغم من أن قرار الخزانة الأمريكية برفع جُزئي للعقوبات المفروضة على سوريا يُمثل انفتاحاً جزئياً تجاه الحكومة السورية الجديدة في دمشق؛ إلا أن من ناحية اخرى يحمل هذا القرار في طياته مجموعة من الإيجابيات والسلبيات التي تؤثر بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في سوريا.

وبتسليط الضوء على الإيجابيات التي يحملها القرار فيُلاحظ أن هناك إمكانية لتوريد الطاقة اللَّازمة لإعادة إطلاق عجلة الإنتاج في قطاعات حيوية مثل الصناعة والزراعة، وهذا ما يُعزز المُؤشرات الاقتصادية والاجتماعية؛ ويُضاف أيضاً أن القرار يسمح للمعاملات المصرفية بالتعامل مع البنوك السورية، وهذا ما سيفتح الباب لتوفير المواد الأساسية للأسواق المحلية، ويخفف من حدَّة التضخم وندرة السلع، ويُنشط التجارة الداخلية والخارجية.

وعليه فمن المتوقَّع أيضاً أن يُؤثِّر القرار إيجاباً على قيمة الليرة السورية، ويزيد من قوتها الشرائية، ما ينعكس إيجاباً على مستوى دخل الفرد، ويُحسِّن الظروف المعيشية؛ وذلك بعدما فقدت قيمتها السوقية جراء ما شهدته من حروب على مدى 13 عاماً.

وبمتابعة ما يحمله القرار فإنه لا يخلو من السلبيات أيضاً؛ حيث يَستثني الأجهزة الأمنية والعسكرية، وهذا ما يحد من قدرتها على ضبط الأمن الداخلي، وهو عامل حاسم في استقرار البلاد. أضف إلى ذلك، أنه لا يسمح باستعادة الأصول السورية المُجمدة في الخارج، والتي تُعدّ من حقّ الدولة، ويمكن أن تلعب دوراً جوهرياً في إعادة الإعمار. علاوةً على ذلك، تظلّ الاستثمارات الجديدة في سوريا محظورة، ما يُعرقل تدفق رؤوس الأموال الضرورية لإعادة إنشاء البنية التحتية واستئناف المشاريع التنموية.

خلاصة القول؛ قرار الولايات المتحدة الأمريكية في هذا التوقيت وخاصةً بعد استيلاء الحكومة السورية الجديدة على السلطة والمتمثلة بهيئة تحرير الشام والمُدرجة على لوائح الإرهاب يثير التساؤل عما إذا القرار هو بداية حلحلة الأمور وإسقاط الهيئة من على لوائح الإرهاب أم هو فرصة أعطتها الإدارة الأمريكية لترى بذلك مدى صدق نية الشعارات والقرارات التي أطلقتها الحكومة الجديدة في آلية إدارة البلاد وعما ستؤول إليه الأمور خلال الـ 6 أشهر القادمة؛ سواء ضمن دور حكومة تصريف الأعمال والتي ينتهي دورها في بداية مارس/ آذار القادم، وأيضاً فرصة للحكومة المقبلة والتي ستأتي بعد مارس القادم؛ ومن جهة اخرى يثير تساؤلاً ألا وهو هل القرار يُعدّ اعترافاً مبدئياً بشرعية الحكومة السورية، ومن ثم قد يليه بإزالة هيئة تحرير الشام من على لوائح الإرهاب؟ ولكن من ناحية اخرى وإن لم يكن اعترافاً سياسياً رسمياً؛ ولكنه يُعتبر اعترافاً ضمنياً قد يُشجع دولاً من خلاله على التعامل الاقتصادي مع سوريا، وهذا ما سيسهم في كسر العزلة الاقتصادية، ويفتح آفاقاً أوسع للتجارة والاستثمار الإقليمي.

وناهيك عن التخوف الأمريكي برفعه الجزئي للعقوبات؛ فإن ما يُوفره القرار من هذا التخفيف المحدود، فإنه لا يُمثل حلاً شاملاً للأزمة الاقتصادية، بل هو خطوة جزئية يُفترض أن تُتبع برفع كامل ودائم للعقوبات المفروضة على دمشق؛ ومجمل كلامنا برفعها الكلي والدائم للعقوبات إنما يأتي في إطار أن مُبرر وجود هذه العقوبات قد انتهى.

Exit mobile version