قصر بعبدا أنجز استعداداته لاستقبال الرئيس اللبناني الجديد
رغم الضبابية التي تخيم على جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الخميس، وعدم تأمين أكثرية أصوات حاسمة لانتخاب الرئيس من الجلسة الأولى أو حتى الدورات المفتوحة التي تليها، أنجزت دوائر قصر بعبدا استعداداتها الإدارية واللوجيستية وحتى الأمنية، لاستقبال رئيس الجمهورية الجديد، المنتظر انتخابه خلال ساعات، والمفترض أن يتوجّه من مقر البرلمان اللبناني بعد أدائه اليمين الدستورية وخطاب القسم إلى القصر الرئاسي، ليخرج هذا القصر من الفراغ الذي خيّم عليه لأكثر من 26 شهراً، ليعود مركز الاستقطاب السياسي، وصناعة القرار السيادي في البلاد.
وأوضحت مصادر مطلعة على ورشة التحضيرات في قصر بعبدا، أنه «جرى في الساعات الماضية وضع اللمسات الأخيرة على كل الترتيبات الممهدة لوصول الرئيس إلى القصر الجمهوري». وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «المديرية العامة لرئاسة الجمهورية اتخذت كل التدابير الإدارية التقنية واللوجيستية، وعملت على تجهيز مكتب الرئيس وصالونات استقبال الزوار والوفود، بالإضافة إلى تجهيز الجناح الخاص بإقامة الرئيس وعائلته طيلة فترة السنوات الست أي طيلة عهد الرئيس العتيد»، مشيرة إلى أن «الدائرة الإعلامية انتهت من تحضير القاعة المخصصة لوجود الإعلاميين، بالإضافة إلى مكتب المستشار الإعلامي ومكتب الاتصالات». وقالت: «بات معلوماً أن الحرس الجمهوري متأهب لإقامة مراسم استقبال الرئيس، وإقامة التشريفات التي تليق به».
ورغم أن دوائر القصر الجمهوري بقيت خلال مرحلة الفراغ الرئاسي تعمل بالحدّ الأدنى، أي بمستوى أقلّ من فترة وجود الرئيس، فإن الموظفين وضعوا أنفسهم في حالة استنفار ليوم طال انتظاره. وأوضحت المصادر أن الموظفين «استغلّوا أشهر الفراغ وخضعوا لدورات تدريب في المعهد الوطني للإدارة؛ لتطوير مهاراتهم وعملهم في دوائر القصر لجهة التكنولوجيا والمكننة وغيرها». وكشفت أن «المديرية العامة للرئاسة حضّرت الملفات التي يحتاجها رئيس الجمهورية، التي ستوضع على طاولته لدى وصوله إلى قصر بعبدا». وقالت إن «فرق الصيانة قامت بترميم جناح إقامة الرئيس وعائلته ومكتبه الخاص، إذ لم يكن بالإمكان ترميمها خلال وجود الرئيس السابق ميشال عون بسبب إشغال هذا الجناح والمكتب الرئاسي».
بموازاة الترتيبات الإدارية واللوجيستية والتقنية، أكد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن لواء الحرس الجمهوري يتحضّر لإقامة مراسم التشريفات واستقبال الرئيس الجديد. وأشار إلى أن «ضباط ورتباء وعناصر من لواء الحرس جرى الاستعانة ببعضهم لمهام أمنية في بيروت وجبل لبنان، وعادوا إلى مقرهم في القصر الرئاسي؛ تحضيراً لمرحلة حماية الرئيس، ومواكبته في مرحلة ستكون حافلة بالعمل والإنجازات التي فرضتها التطورات الأخيرة على العهد الجديد».
ومنذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بانتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، سكن الفراغ القصر الجمهوري، وأطفئت أضواؤه، وتحوّل إلى قصر شبه مقفر لا يرتاده إلّا الموظفون، كما غابت عنه مراسم التشريفات، وتوقعت المصادر المواكبة لورشة استقبال الرئيس أن القصر الجمهوري الذي يقع على أطراف مدينة بعبدا (جبل لبنان) سيتحول لموضع اهتمام الداخل والخارج، على أساس أن هناك رهاناً كبيراً على الرئيس الجديد لتعويض ما خسره لبنان في مرحلة الفراغ، وليكون في أولوية الرئيس مهمة إعادة لبنان إلى دوره العربي وموقعه في الأسرة الدولية، ومواكبة ورشة إعمار ما دمرته الحرب، وورشة النهوض من الأزمات السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية.
الخطوة البارزة الاخرى التي قد تدفع نحو تذليل توفير اكثرية توافقية واسعة لقائد الجيش تمثلت في اعلان رئيس “تيار المرده” سليمان فرنجيه سحب ترشيحه ودعم عون. كما اعلن الوزير السابق زياد بارود عزوفه عن الترشح.
وفيما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لطباعة صور لقائد الجيش في مؤشر الى انتخابه اليوم، وصل الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان الى بيروت في زيارة ثانية قبل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وعقد لقاءات سياسية في محاولة لإنجاح انتخاب عون رئيسا افيد ان ابرزها مع النائب علي حسن خليل موفدا من بري في دار السفارة في اليرزة.
التحرك الفرنسي
في الاطار ذاته، عقد الموفد الفرنسي جان ايف لودريان لقاءات واسعة، وأشارت المعلومات الى انه حمل خلالها إسماً واحداً باسم اللجنة الخماسيّة وهو اسم قائد الجيش. وفي السياق، التقى لودريان ممثلي كتلة “تجدد” النائبين ميشال معوض وفؤاد مخزومي في حضور نواب تحالف التغيير ميشال الدويهي، وضاح الصادق ومارك ضو، الى مائدة إفطار في قصر الصنوبر، في حضور السفير الفرنسي هيرفي ماغرو. واعلن معوض عبر منصة “اكس” التوجه لدعم قائد الجيش. كما التقى لودريان نواب “اللقاء التشاوي النيابي المستقل” الياس بو صعب وابراهيم كنعان والان عون وسيمون أبي رميا. واجتمع أيضاً مع رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد في مقر الكتلة في حارة حريك. وأشارت معلومات الى ان رعد عبّر في لقائه مع لودريان عن أن “حزب الله” لن يقف عائقاً أمام إجماع اللبنانيين على إسم رئيس للجمهورية، في حين ذكرت معلومات ان الموفد الفرنسي طرح للثنائي بري ومحمد رعد قائد الجيش بالاسم لرئاسة الجمهورية. والتقى لودريان الرئيس بري ثم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي سابقا وليد جنبلاط والتقى مساء تباعاً رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل ورئيس “التيار الوطني الحر”جبران باسيل ، ثم زار معراب حيث التقى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
مواقف الكتل
اما على خط الثنائي الشيعي فاعتبر عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب أيوب حميّد بعد اجتماع الكتلة برئاسة بري أنّ “لكلّ أمر مقتضاه”، مضيفاً “أكّدنا ضرورة التوافق بشأن رئاسة الجمهورية”. وقال “ستكون هناك دورات متتالية في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وموقفنا موحّد مع حزب الله”.
وكرت سبحة تاييد الكتل لانتخاب عون، فأعلن النائب فيصل كرامي بعد اجتماع “تكتل التوافق الوطني” تأييد قائد الجيش لرئاسة الجمهورية. كما عقد اجتماع للنواب المستقلين والتغييريين مساء في منزل النائب غسان سكاف ضم 17 نائبا اعلنوا في نهايته تبني عون رئيسا للجمهورية . ومن جهتها اكدت النائبة نجاة عون صليبا “اننا نتجه غدا الى انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية”. كما اعلن النواب فراس حمدان وابراهيم منيمنة وياسين ياسين تاييدهم انتخاب عون . واعلن النائب نبيل بدر بعد اجتماع كتلتي “الاعتدال” و”لبنان الجديد” انه أمام المشاورات والاتصالات التي حصلت قرر المجتمعون دعم ترشيح قائد الجيش والاقتراع له في جلسة الخميس. ونشر النائب ميشال ضاهر صورة لقائد الجيش معلّقا بالقول: “مبروك لبنان إنطلاق مسيرة بناء الدولة”.
في اي حال عكست المناخ الدولي المحفز على انتخاب قائد الجيش تصريحات مشتركة اميركية – فرنسية اذ اعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، “أننا وحّدنا جهودنا مع الولايات المتحدة حتى يتم انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان”.
وأشار في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن امس إلى “مساع فرنسية أميركية حثيثة لدعم استقرار لبنان”.
من جهته، اعتبر بلينكن، أن “وقف إطلاق النار في لبنان متماسك وآلية المراقبة تعمل بشكل جيّد”. وأكد أننا “شهدنا انسحاب أكثر من ثلث القوات الإسرائيلية من لبنان منذ وقف إطلاق النار”.وأضاف “هناك فرصة لسلام مستدام في لبنان مع انسحاب الجيش الإسرائيلي”.