خاص الهديل…
بالأمس تجلت حادثة مؤسفة بين النائب سليم عون والنائبة بولا يعقوبيان، خلال جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، حادثة أثارت الجدل على مختلف المنصات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي؛ ومن المعروف أن سليم عون هو أحد أبرز وجوه التيار الوطني الحر، الذي لطالما كان له مواقف الساحة السياسية اللبنانية، إلا أن تصرفه في تلك الجلسة لا يمكن تفسيره سوى على أنه تجاوز غير مقبول، ولا يمثل إلا نفسه من خلال ما أطلقه من كلامات نابية تجاه النائبة بولا يعقوبيان.
خلال الجلسة، وبعد مداخلة قانونية للنائبة يعقوبيان، انتقدت محاولة بعض التيارات السياسية استغلال الدستور لمصالحها، بادر سليم عون بإطلاق عبارات شديدة القسوة تجاهها، حيث وصفها بـ”المنحطة” بلغة ذكورية مستفزة. هذه الكلمات التي أطلقها عون، والتي لا تمت بصلة للأخلاقيات السياسية، تبرز بوضوح عدم احترامه لشخصية المرأة في الساحة السياسية اللبنانية، وتكشف عن فكر قاصر لا يستطيع استيعاب وجود النساء الفاعلات في السياسة، خاصة اللواتي يصرّين على تحدي النمط التقليدي الذي يحاول البعض فرضه.
النائبة بولا يعقوبيان، التي برزت كإحدى الشخصيات النسائية القوية في البرلمان اللبناني، تعكس صورة نادرة للمرأة التي تتحدى الهيمنة السياسية للرجال في لبنان. بغض النظر عن اختلاف المواقف السياسية بين يعقوبيان والآخرين، يبقى حضورها القوي والجريء محل تقدير، خاصة في مواجهة مواقف من أمثال سليم عون الذين لا يجدون سوى الشتائم والهجوم الشخصي كوسيلة للرد على الانتقادات المشروعة.
ما حدث أمس يسلط الضوء على أسلوب سياسي قديم ومستهلك يعتمد على الهجوم الشخصي والتشهير، بدلاً من النقاش الموضوعي والاحترام المتبادل. هذا النوع من الخطاب لا يعكس سوى حالة من العجز الفكري، ويتجاهل الدور الهام الذي تلعبه النساء في الحياة السياسية. سليم عون، بدلاً من أن يتبنى أسلوب الحوار الراقي، اختار الإساءة وإطلاق التهم الجوفاء.
حادثة أمس والألفاظ التي أصر سليم عون على أن يطلقها في البرلمان وأمام كل النواب الآخرين ولا سيما دولة الرئيس نبيه بري وسفراء الدول، والدبلوماسيين الذين حضروا الجلسة؛ لا يمكن القول إلا أنه تنقص من قدر الجميع ليعبروا بذلك عن أخلاقه، تحت قبة برلمان يمثل الشعب اللبناني؛ وهنا لا بد من التنويه لأمر هام ألا وهو أن انتقاء النواب لتمثيل شعوبها إنما يتم تبعاً لخلفياتهم الأكاديمية والسياسية، والتربوية، لا تبعاً لأخلاقهم المتدنية؛ وفي هذا السياق، كل التحية للنائبة بولا يعقوبيان على صمودها أمام الهجوم الرخيص، ولكل امرأة لبنانية تسعى لدور أكبر في الحياة السياسية والاجتماعية.