الهديل

خاص الهديل: ماذا سيفعل رئيس الجمهورية الجديد(؟؟).. بل ما الذي يستطيع فعله(؟؟)

خاص الهديل ..

بقلم: ناصر شرارة 

يشترك رؤساء جمهورية سابقون بتوجيه نفس النظرة اليوم للرئيس الجديد؛ وهي نظرة تنطوي على سؤالين إثنين يوجهان بالعادة إلى كل رئيس يدخل بقدمه اليمنى إلى قصر بعبدا في يومه الأول: 

 

السؤال الأول ماذا سيفعل فخامة الرئيس الجديد..

 

والسؤال الثاني: .. بل ماذا يستطيع أن يفعل رئيس لبنان الجديد؟؟.

 

ميشال أبو جودة – إعلامي فذ – وجّه هذين السؤالين الإثنين لسليمان فرنجية عندما انتخب رئيساً للجمهورية؛ وقال له: باستعراض لتاريخ الرؤساء الذين أتوا قبلك؛ يمكن القول أن الخطيئة المميتة التي وقع فيها جميعهم هي أن قبلوا أن يصبح رئيس الجمهورية “رئيس الإدارة أي رئيس الموظفين أي رئيس دولة الموظفين” بدل أن يكون رئيس لبنان أي رئيس اللبنانيين أي رئيس دولة لبنان.

 

وحتى يمكن جعل الكلام الذي وجهه ميشال أبو جودة لسليمان فرنجية في العام ١٩٧٠ له معنى مفيد للرئيس جوزاف عون في العام ٢٠٢٥، يمكن القول أن رئيس الجمهورية إذا لم يعرف ما هو الأمر الجوهري المطلوب منه فسيغرق بصمغ الأمور الهامشية التي تليها عن مهامه الحقيقية وأهدافه الأساسية..

 

بكل بساطة المطلوب أن هناك داخل الدولة دولة إسمها “دولة الموظفين”؛ وهؤلاء تحديداً هم الوزراء والنواب والإداريون؛ وهؤلاء مشهود لهم “بدهريتهم” وقدرتهم على استنزاف وقت فخامة الرئيس وجعل للثانوي يأخذ محل الجوهري فوق جدول أعماله اليومي.. مثال على ذلك: تستطيع دولة الموظفين بدهريتها الشهيرة أن تقيم الدنيا وتقعدها من أجل تعيين أو إبدال مدير عام المالية؛ وبعد أسابيع من هذه القيامة الصاخبة يفاجأ فخامة الرئيس وتفاجأ البلاد بسلسلة إفلاسات مصرفية..

أيضاً المطلوب أن يعرف فخامة رئيس الجمهورية أن “دولة الموظفين” إياها تستطيع بدهريتها المشهورة أن تشغله أسابيع وأشهر في تحديد إسم مدير عام وزارة الخارجية والمغتربين وبعد أسابيع يكتشف رئيس الجمهورية وتكتشف معه البلاد أن عشرات آلاف الشباب اللبنانيين يريدون الاغتراب وهم يقفون أمام مكاتب الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والبرازيل، الخ.. وكذا الحل بخصوص تعيين مدير عام وزارة الزراعة؛ حيث “دولة الموظفين” تشغل بال فخامة الرئيس بعملية انتقاء إسمه ثم يتفاجأ فخامته وتتفاجأ البلاد أن موسم التفاح لم يجد أسواقاً لبيعه!!.

 

يجب أن يعرف فخامة الرئيس أن دولة الموظفين بخبثها وكيدها تستطيع أن تجعل رئيس الجمهورية مجرد طربوش تضعه على رأسها وتؤشر إليه بالقول إنه فخامة الرئيس وتاج رأسنا وهي عملياً لا تعني إلا أنه طربوش سيذهب كما جاء غيره. 

 

أمام الرئيس جوزاف عون خياران إثنان: إما الاستسلام لدهرية دولة الموظفين ويصبح طربوشاً لهم؛ وإما أن يختار أن يكون رئيس الجمهورية وهو الخيار الصعب الذي لم يأخذه الكثيرين غيره من الرؤساء.

إذا اختار الخيار الصح الثاني – وهناك أمل كبير عند الناس بأنه سيفعل ذلك – سيكون عليه أن يقرر بينه وبين نفسه من سيكون في عهده هو الأهم: مدير عام وزارة الزراعة أم موسم التفاح؟؟.. مدير عام المالية أم الإفلاسات المصرفية وأموال المودعين؟؟.. مدير عام المغتربين أم بقاء الشباب المرشحين للغربة والاغتراب في البلاد؟؟..

إذا اختار فخامة الرئيس الخيار الثاني الصعب الذي ندم كل الرؤساء السابقين لأنهم لم يختاروه؛ فحينها سيعرف اللبنانيون ماذا سيفعل رئيس الجمهورية الجديد.. وأيضاً سيعرف رئيس الجمهورية الجديد ماذا يمكنه أن يفعل..

Exit mobile version