خاص الهديل…
كتب بسام عفيفي
ليس سراً القول أن هذا العهد الرئاسي الجديد يحظى بشعبية ومقبولية وطنية لم يسبق أن نالها أي عهد آخر؛ حتى يمكن القول أن عهد الرئيس جوزاف عون محتضن شعبياً على المستوى الداخلي؛ وأيضاً من قبل المجتمعين العربي والدولي.
ويجب القول في هذه اللحظات أن المطلوب هو الحفاظ على هذه المميزات التي يحفل بها عهد الرئيس جوزاف عون وذلك من خلال تحكيم العقل في كل خطوة يتم تنفيذها من أجل استكمال إعادة إنتاج مؤسسات الدولة وتفعيلها.
والواقع أن تسمية النواب أمس بأكثرية واضحة للقاضي نواف سلام لتشكيل أول حكومة في عهد الرئيس جوزاف عون؛ هي خطوة تدعو للترحيب بها؛ فالقاضي نواف سلام هو شخصية مشهود لها بأخلاقيتها ووطنيتها ومواقفها المشرفة على غير مستوى؛ كما أنه شخصية تنتمي لعائلة وطنية بيروتية لها على البلد الكثير من العطايا الطيبة. ولكن بنفس الوقت يجب التنبه لما رافق تسمية نواف سلام من إشكالية ناتجة عن الموقف الشيعي من عملية تسميته.
تجدر معالجة هذه الإشكالية بهدوء حتى لو تمت إثارة جلبة وضجيج حولها؛ فالبلد بحاجة ماسة للجمع بين عناصر الثلاثية التالية: ١- يحتاج البلد لنجاح عهد جوزاف عون من جهة أولى وأساسية؛ ٢- يحتاج البلد لتجسيد أكبر وحدة وطنية حول العهد حيث يكون فيها جنباً إلى جنب المكون الشيعي والسني والدرزي والماروني وكل الأطراف المسيحية من جهة ثانية؛ ٣- يحتاج البلد والعهد لشخصيات كفوءة على رأس السلطة التنفيذية وفي مقاعد حكومتها؛ ولا شك أن نواف سلام هو نموذج على هذا الصعيد..
.. وعليه فإن المطلوب الآن هو الانطلاق في معالجة أية إشكالية تواجه تقدم مسيرة العهد، وذلك انطلاقاً من الحفاظ على هذه الثوابت الثلاث الوارد ذكرها أعلاه.
رغم أن عمر عهد الرئيس جوزاف عون لم يتعد أيامه الستة حتى الآن، غير أن اللبنانيين باتوا يشعرون أن لديهم ما يخسرونه في حال تعرض العهد لأي انتكاسة أو تعثر..
والواقع أن أي مراقب مخلص يجد نفسه في موقع من يراهن على حكمة ومسؤولية ووطنية وذكاء الرئيس نبيه بري كي يضع يده بيد الرئيس المتسم بالشجاعة والوطنية جوزاف عون؛ حيث يتوقع أن تتضافر جهود الرئيسين لإيجاد مخرج آمن لإشكالية أن تسمية نواف سلام لم تحظ بتأييد الثنائي الشيعي.
… بالتأكيد إن مسار تسمية نواف سلام لم يكن مقصوداً منه تنفيذ مؤامرة لعزل جهة بعينها أو تحدي مكوناً بذاته؛ ما حصل يجسد وجود دينامية تغيير قوية ناتجة عن أن وصول جوزاف عون للرئاسة ولّد حيويات هادرة لصالح التغيير ولصالح البدء من جديد ومن مكان فيه الكثير من الثقة بين المواطن والدولة التي هناك سعي عام لإعادة بنائها.. ولكن مرة أخرى فإن الحاجة الماسة للبناء تحتم أيضاً، بل سيكون أحد أهم شروط نجاحها، أن يشارك بعمليتها الجميع وبنفس القدر من المساواة بالحقوق والواجبات.
المطلوب معالجة الموقف المستجد بحكمة وشجاعة؛ لأن هاتين السمتين (الحكمة والشجاعة) تؤكدان للداخل والخارج بأن عهد الرئيس جوزاف عون لا تعوزه لا القدرة على الحسم الوطني ولا الحكمة التي تمكنه من لمّ شمل كل اللبنانيين وراء المصلحة الوطنية العامة.