خاص الهديل..
قهرمان مصطفى….
لعل من أبرز الأهداف التي يروج لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع بداية توليه منصب الرئاسة في البيت الأبيض، هو السعي لتحقيق السلام في مختلف أنحاء العالم؛ وهو ما يتماشى مع وعوده الانتخابية التي كانت تركز على تهدئة الأوضاع العالمية في ظل الأزمات المتزايدة، في سياق تواصل النزاعات بين الشرق الأوسط وأوروبا، وصولاً إلى أفريقيا وآسيا؛ علماً أن هذه التوجهات كانت واضحة من خلال تصريحاته حول النزاع المستمر في غزة والحرب بين أوكرانيا وروسيا، وهي قضايا فشلت إدارة جو بايدن السابقة في إحراز تقدم ملموس بشأنها.
من هنا، يطرح العديد من التساؤلات حول نوع السلام الذي يسعى إليه ترامب، والذي يصر مسؤولوه على تأكيده، ومن بينهم وزير خارجيته ماركو روبيو الذي أكد على أن الولايات المتحدة لن تظل قوة عالمية إن لم تتمكن من فرض السلام في الساحة الدولية. لكن من جهة نظر مراقبين يبدو أن هذا الخطاب يبدو متناقضاً مع استراتيجية الهيمنة التي تتبعها واشنطن منذ بداية ظهورها على الساحة الدولية، والتي تستند إلى تعزيز الصراعات حول العالم، حيث يشكل استمرار النزاعات مدخلاً هاماً للحفاظ على النفوذ الأمريكي في أي أزمة أو صراع، وبالتالي الحفاظ على ريادتها العالمية.
من هنا، يبدو أن هناك تناقضاً بين خطاب ترامب الداعي إلى صناعة السلام، والذي يتبناه بشكل مستمر، ورؤية الولايات المتحدة التاريخية التي تعتمد على تعزيز نفوذها العالمي من خلال التدخلات والصراعات. كما أن تصريحات ترامب حول فكرة ضم أراضٍ إضافية مثل كندا وقناة بنما وجزيرة “غرينلاند”، تتعارض مع المفهوم التقليدي لسيادة الدول، وهذا ما يثير العديد من التساؤلات حول كيفية تعامل إدارة ترامب مع الأزمات المستقبلية، ويمكن تسميتها بـ”الحروب غير المباشرة”.
وبالنظر إلى سوابق ترامب، عندما كان في البيت الأبيض خلال ولايته الاولى، نجد أن ثمة قراراً تاريخياً، بالاعتراف بالقدس كعاصمة موحدة للدولة العبرية، في ديسمبر2017، وهو ما يمثل جزءً لا يتجزأ من سياسات “الضم” والتي تخالف في جوهرها الشرعية الدولية، القائمة في الأساس على حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
وعلى الرغم من أن ترامب استطاع تحقيق بعض النجاح في تهدئة الأوضاع في غزة قبل توليه الرئاسة، مما أضفى نوعاً من القوة الأمريكية في المنطقة، إلا أن الحديث عن دعم إدارة ترامب لحل الدولتين يُعد إشارة إيجابية. لكن تبقى التساؤلات قائمة حول التفاصيل المعقدة لهذه الحلول، مثل الحدود الجغرافية المقترحة، ومسائل المستوطنات التي زادت في الضفة الغربية، وكذلك الخطط لبناء مستوطنات جديدة في غزة التي طرحها مسؤولو حكومة نتنياهو. وهكذا، يمكن القول إن رؤية ترامب للسلام تحمل بعض المؤشرات الإيجابية، لكنها في ذات الوقت تثير العديد من المخاوف حول نتائج هذه السياسات على المدى البعيد.