خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
يشكل عدم التزام إسرائيل بالانسحاب إلى ما وراء الخط الأزرق بعد انقضاء فترة الستين يوماً، مشكلة كبيرة لمجمل الوضع المتصل بمستقبل وقف النار في الجنوب، وأيضاً بمسألة مهمة وهي ما سيكون عليه “اليوم التالي داخل لبنان” بعد فشل أو نجاح المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار الخاص بتطبيق القرار ١٧٠١.
وما لا يتم التنبه له هو أن لبنان هو جزء من نادي البلدان التي تعيش أجواء سؤال عن اليوم التالي بعد خروجها من أزماتها وحروبها وتبدلات المحيط الجيوسياسي تحتها وحولها؛ ويضم نادي هذه الدول إضافة إلى لبنان سورية وغزة والسودان وليبيا، الخ.. فكل هذه الدول تنتظر مواعيد لوقف الحرب فيها أو عليها لتنتقل إلى امتحان حول اليوم التالي فيها..
.. وعليه فإن غزة بعد اليوم ال٤٢ من بدء هدنتها ستكون أمام امتحان إما الانتقال إلى ما بعد الحرب أو الانتقال إلى مرحلة جديدة من الحرب؛ وذات الوضع ينطبق على لبنان الذي يمر اليوم بامتحان موعد ٢٧ يناير ٢٠٢٥ الذي سيظهر ما إذا كان لبنان ذاهب لمرحلة ما بعد الحرب أو الدخول إلى حروب جديدة؛ وذات المعنى هذا ينطبق على سورية التي لم تجد بعد حتى الآن توقيتاً زمنياً واضحاً ليكون هو علامة بدء اليوم التالي فيها.
وبخصوص ما يحدث اليوم في جنوب لبنان يجدر لفت النظر لنقطة غاية في الأهمية؛ وهي أن المشكلة المثارة اليوم لا يمكن النظر إليها بوصفها مشكلة تقنية أو إجرائية؛ والمقصود هنا أنه لا يمكن التسليم بالمنطق الذي يقول أن كل ما في الأمر هو أن إسرائيل أخرت تنفيذ اتمام انسحابها من جنوب لبنان لفترة أسبوع أو إثنين أو حتى شهر أو شهرين. مكمن القلق العميق هنا، وجوهر المشكلة يقع في الأبعاد التالية لقرار إسرائيل:
البعد الأول – أن موعد ٢٧ يناير ليس موعداً تقنياً بل هو توقيت سياسي دولي يجب احترامه من قبل إسرائيل لأن عدم احترامه من قبلها يرسل للبنان رسالة قلق بخصوص أنه لا التزام دولي جدي بحماية وحدة أراضي لبنان بمواجهة الخطر العدواني الإسرائيلي على وحدة أرض لبنان وأن مجمل القرار ١٧٠١ هو غطاء يبرر عدوانية إسرائيل.
البعد الثاني يذهب بنفس معنى البعد الأول ولكنه يضيف إليه معنى هاماً وهو أن نتنياهو حينما يرفض الإلتزام بموجبات موعد ٢٧ يناير إنما هو بذلك يفعل أمرين: ١- يكسر – أي نتنياهو – التزامه بخارطة الطريق الدولية الموضوعة لإخراج الوضع من حالة الحرب لحالة وقف النار؛ ٢- ويقول صراحة – أي نتنياهو – أن مهمة إسرائيل العسكرية والسياسية في لبنان لم تنته بعد؛ وأن حدود إشعاعات هيبة ترامب لا تتجاوز فعلياً اتفاق غزة؛ فيما لبنان مشمول جزئياً بهذه الهيبة؛ أما الصفة الغربية فهي خارجها بالكامل.
والواقع أن مجرد ظهور انطباع أن إسرائيل كسرت قراراً دولياً حدد يوم ٢٧ الشهر الجاري موعداً لانسحابها من جنوب لبنان، فإن ذلك سيعني أن على لبنان أن يراجع حساباته التي كانت تدعوه للظن بأنه دخل تحت مظلة ال ١٧٠١ المدعومة دولياً والمحصنة من الدول التي تملك القدرة على دعم نتنياهو لاستكمال حربه وبالتالي لديه القدرة على إرغامه على وقف تغوله وعدوانه.