خاص الهديل….

بقلم: ناصر شرارة
ثلاث قوى سياسية لم تتمثل في حكومة نواف سلام: ١- ما يمكن تسميته بالتكتلات الثلاثة للنواب السنة؛ ٢- حزب المردة؛ ٣- التيار العوني بشقيه الباسيلي والمجموعة المنشقة عن العونيين الباسيليين.
وواضح أن التكتلات السنية الثلاثة سيقررون في وقت قريب ماذا سيفعلون مع نواف سلام بشكل أساسي؛ وماذا سيفعلون مع حكومته بدرجة تالية؛ ذلك أن النواب السنة قد يفضلون رسم خط غامق بين معارضتهم لرئيس حكومة العهد وبين معارضتهم للعهد.
.. بخصوص سليمان فرنجية فهو يجد نفسه مدعواً لنقاش طويل مع نفسه؛ فهذا الزعيم الزغرتاوي يقف اليوم على أرض سياسية تعرضت لزلازل وليس فقط لزلزال واحد؛ فمن جهة خسر حليفه الإقليمي (آل الأسد) الذي طالما استند آل فرنجية إليه كبعد إقليمي؛ ومن جهة ثانية لم يعد لديه مع حزب الله ما يمكن نقاشه ولا مع نبيه بري ما يمكن التفاهم عليه؛ وبالتالي صار فرنجية من دون حليف داخلي استراتيجي وإقليمي استراتيجي؛ وصارت زاوية زغرتا حيث يقيم أشبه في مواصفاتها بضاحية ثانية بالمعنى الجيوسياسي المستجد كنتيجة لحرب إسناد غزة؛ حيث أن الأولى (ضاحية الحزب) بحاجة لإعادة إعمار مادي واستراتيجي، والثانية (ضاحية فرنجية في زغرتا) بحاجة لإعادة إعمار سياسي؛ ولكن لا حزب الله يملك وفرة في المال لإنجاز إعمار ضاحيته ولا فرنجية يملك وفرة في التحالفات السياسية لإعادة إعمار ضاحيته سياسياً.
وفي أول تعليق لجبران باسيل على خروجه من حكومة نواف سلام وصف وضع العونيين بأنه مشابه لتسونامي ٢٠٠٥ الذي حدث ضدهم على أيدي تحالف رباعي إسلامي.. والواقع أن هذا التشبيه غير موفق بدليل أن القوات اللبنانية مشاركة في حكومة نواف بحصة وزانة؛ وأيضاً الكتائب؛ ولكن التشبيه موحي كونه يدلل على نوعية شعارات المعارضة التي ينوي باسيل رفعها بوجه سلام والعهد والحكومة في المرحلة المنظورة حتى أيار ٢٠٢٦. سيقول باسيل أن العهد الجديد وحكومته يمارس ضد التيار العوني المطالب باسترداد حقوق التمثيل المسيحي نفس سياسات مد اليد على التمثيل المسيحي، وهذه المرة بالتشارك مع القوات..
.. باختصار لن يعجز باسيل عن إيجاد أفكار لإظهار أن معركته ضد العهد وحكومته هي امتداد لمعركة ميشال عون عام ٢٠٠٥؛ وهدفها استعادة حقوق التمثيل المسيحي؛ ولكن هذه المرة سيكون على باسيل الإجابة عن سؤال: من قبضة من يريد استرجاع حقوق التمثيل المسيحي؟؟.. قد لا يجد باسيل جواباً مقنعاً عن هذا السؤال!!
وربما كان هناك أمر لافت في حكومة نواف سلام وهو أنها ولدت على سرير يوجد عليه إلى جانبها ثلاث معارضات واحدة سنية؛ والثانية مسيحية مناطقية (فرنجية)؛ والثالثة مسيحية باسيلية وعونية.
.. وبمقابل المشاكل التي تنام على سرير نواف سلام، فإن العهد – أغلب الظن – سيتعمد الإشارة إلى أن عهده وُلِد على سرير لا يوجد إلى جانبه عليه أية معارضة له سوى التحفظ الشيعي الذي أمكن إزالته في جلسة المفاوضات التي حدثت بين جولتي انتخاب الرئيس جوزاف عون؛ ومن ثم تم تصفيته نهائياً خلال تشكيل حكومة العهد الأولى.
لن يتجرع الرئيس جوزاف عون كأس العوارض الجانبية الناشئة عن تركيبة حكومة نواف سلام، خاصة في ما يخص موضوع خلاف دولة الرئيس مع النواب السنة: فما لبعبدا لبعبدا وما للسراي للسرايا؛ وبالنهاية فإن كل حِمل العهد وحكومته الأولى سيتجه بآخر مطاف هذه المرحلة إلى استحقاق أيار ٢٠٢٦ الذي ستقرر نتائجه كيف ستكون حكومة العهد الفعلية الأولى(؟؟)، وما هي أهدافها(؟؟)، وهل سترسم خارطة قوى سياسية جديدة أو معدلة بشكل بنيوي في البلد؟؟.

