لطالما كانت المملكة العربية السعودية الرائدة في عالم الإعلام، فمسيرة الإعلام السعودي تمتد لعقود طويلة شهدت تطوراً مستمراً مواكباً للتحولات العالمية. ومع رؤية 2030، انطلقت مرحلة جديدة للإعلام السعودي، تجسد فيها طموح المملكة في أن تصبح مركزاً إعلامياً إقليمياً وعالمياً مؤثراً؛ والحق يُقال أنه لولا وجود الأمير محمد بن سلمان قائد مسيرة التطوير وصانع التغيير لما كان لصنّاع التأثير تأثير، خاصةً وأن المملكة في عهد شهدت وتشهد أعظم قصة نجاح في القرن الواحد والعشرين، يرويها إعلامها الذي يعمل بأدوات المستقبل، وبحراك لا يعرف التوقف.
في هذا السياق، يمثل المنتدى السعودي للإعلام 2025، والذي بدأت أعماله أمس الأربعاء وافتتحه وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري، منصة رئيسية تعكس هذه الرؤية الطموحة، حيث يجتمع فيه آلاف المتخصصين وصناع القرار لمناقشة مستقبل الإعلام وآفاقه الجديدة. وفي نسخته الرابعة، التي تقام في الرياض عام 2025، يشهد المنتدى مشاركة أكثر من 2000 متحدث وإعلامي من مختلف المجالات، بما في ذلك السياسة، والطاقة، والاقتصاد، والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، وريادة الأعمال. ويضم المنتدى أكثر من 80 جلسة حوارية ومعرفية، إلى جانب 11 مبادرة وتجربة تفاعلية، ما يجعله أحد أبرز الفعاليات الإعلامية في المنطقة.
لم يعد الإعلام مجرد أداة لنقل الأخبار أو وسيلة تواصل، بل أصبح قوة استراتيجية قادرة على تشكيل الوعي المجتمعي وصياغة المستقبل. وانطلاقاً من هذا الإدراك، يتبنى المنتدى السعودي للإعلام مبادرات نوعية تعكس أولويات المرحلة الحالية. ومن أبرز هذه الأولويات، تطوير الإعلام غير الربحي، وتعزيز الابتكار في صناعة الأخبار، وإطلاق مؤتمر دولي لمستقبل الأخبار، الذي يهدف إلى الإسهام في ابتكار تقنيات حديثة تسهم في تطوير المحتوى الإعلامي.
كما يواكب المنتدى التطورات التكنولوجية المتسارعة من خلال دعم حاضنات ومسرعات الأعمال الإعلامية، وتهيئة بيئة مواتية لريادة الأعمال في هذا المجال، وذلك بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة. هذه الخطوات من شأنها أن تعزز من قدرة الإعلام السعودي على التكيف مع التحولات العالمية والاستفادة منها في بناء منظومة إعلامية حديثة.
إن مسيرة الإعلام السعودي تشهد تحولاً غير مسبوق، حيث تمتزج البرمجة بالمحتوى، ويتحول الإعلام إلى صناعة رقمية متطورة تساهم في بناء اقتصاد معرفي مستدام. ومن خلال المنتدى السعودي للإعلام، يتاح للمبدعين ورواد الأعمال الإعلاميين فرصة تبادل الأفكار والخبرات، واستكشاف الفرص الجديدة في مجال الإعلام الرقمي.
تستمر فعاليات المنتدى السعودي للإعلام ليومي الخميس والجمعة، حيث توفر منصاته المتعددة، مثل “مسرح أرامكو”، و”حديث المنتدى”، و”منصة الاستثمار”، و”منصة الإلهام”، فضاءات للنقاش والتفاعل مع أحدث التوجهات العالمية في مجال الإعلام؛ وعليه فإن مثل هذه الفعاليات تسهم في تحقيق قفزة نوعية في القطاع الإعلامي السعودي، وتعزز من مكانته كأحد أبرز الفاعلين في المشهد الإعلامي الإقليمي والدولي.
لا شك أن الإعلام السعودي اليوم يعيش لحظة تحول محورية، تتجسد فيها الطموحات الكبرى والرؤية المستقبلية الواضحة، ليكون قوة مؤثرة تسهم في بناء مجتمع معرفي ومؤثر على المستوى العالمي