زلزال غير وجه المنطقة (1)
كتب عوني الكعكي:
أدليتُ بحديث في مجلة «العالمية» بحوار أجراه معي رئيس التحرير فوزي عساكر، حاولت خلاله وضع آرائي وأفكاري في قالب من الموضوعية التامة، طالما اعتدت عليها في كل أحاديثي ومواقفي. ولقد أسعدني ما قاله الزميل فوزي عساكر في مقدّمة الحوار التي بدأها بتقديم كمرجع في الخبر الدقيق، متواضع، هو قيمة مضافة للصحافة اللبنانية والعربية.
وإني إذ أشكر الزميل على قوله هذا، أردت أن أعيد اليوم أهم الأفكار التي وردت في هذه المقابلة، لما فيها من أهمية لإدلاء الرأي بالأوضاع اللبنانية والإقليمية.
بداية… رحّبت بالزميل العزيز وأجبت حول سؤاله الأول: نحن في دارك نقيب، وفيما نفتش عن مصدر الخبر الصحيح، تكون أنت فيه المصدر الصحيح:
أولاً: أرحب بك أستاذ فوزي عساكر وبـ «العالمية». وأنا أثني على عملك الصحافي، فأنت تحبّ خدمة المهنة التي تحبها، كما أنك تتعمّد إيصال الخبر الصحيح من المصدر الصحيح.
تقول: نحن اليوم بتسارع أحداث، من انتخاب رئيس للجمهورية الى تأليف حكومة جديدة غنيّة بالكفاءات… وهنا نتساءل: هل بدأ الحلم يتحقق أم أنها مرحلة وسنعود الى الخيبة؟
وردي هو: نحن أمام أكثر من زلزال:
* الزلزال الأول هو مع سقوط النظام السوري لال الأسد بعد حكم دام من العام 1970 وحتى عام 2024.
ولا شك أنّ الزلزال الذي وقع في سوريا، كان غير متوقع إطلاقاً. ولا كان ممكناً تأجيل حدوثه في هذه السرعة العجيبة خلال ثمانية أيام.
أما سؤالك: كيف يمكن أن يسقط نظام في ثمانية أيام كان قد قاوم للبقاء ثلاثة عقود؟ فأقول:
هناك الكثير من الأسرار التي لم تكشف بعد. فنحن نعرف قسماً منها، أما القسم الأكبر فلا نعرفه حتى الساعة.
خطأ النظام أنه خلال حرب ثلاث عشرة سنة بقي على تعنّته، ولم يُقِم مسافة مع شعبه.
تصوّر أنّ نصف الشعب السوري خارج الوطن، ومليون ونصف سوري قُتلوا على يد هذا النظام الذي استعان بميليشيات خارجية لقتل أهل البلاد وإبادة شعبه. أكان ذلك بواسطة حزب الله أو الحشد الشعبي أو الحرس الثوري الإيراني.
فكيف تتصوّر نظاماً كهذا، يستقدم الغرباء لقتل شعبه. فأمام كل هذا، هل يُستبعد سقوطه وبهذه السرعة؟
* وهناك زلزال ثانٍ هو ما حدث لحزب الله في لبنان، بعد إعلانه الحرب على العدو الإسرائيلي إسناداً لغزة.
إنّ قرار السلم والحرب لم يكن بيد الدولة اللبنانية، بل كان بيد قادة الحزب، وبعد النتائج الكارثية التي حدثت للحزب في لبنان… وبعد وقف إطلاق النار والتمسّك بالقرار 1701 وكافة مندرجاته… وبضرورة انسحاب الحزب الى شمال الليطاني وسحب سلاحه.
وبعد إعلان خطاب القسم الذي قدّمه فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وبعد تأليف الحكومة الجديدة برئاسة القاضي نواف سلام، ولأوّل مرّة بقرار بعيد عن المحاصصة، وفصل النيابة عن الوزارة… جاء دور الدولة…
فالقرار 1701 واضح جداً… وخطاب فخامة رئيس الجمهورية واضح كذلك. حصر السلاح بيد الجيش اللبناني وقواه الأمنية فقط لا غير.
وهنا تأتي عملية الإعمار… وهنا أحب التأكيد بأنّ عودة المساعدات الى لبنان مرهونة بعودة الدولة. فلا مساعدات ولا إعمار إلاّ إذا فرضت الدولة سيطرتها على جميع الأراضي اللبنانية.
وهنا نص الحديث كاملاً:
نقيب الصحافة اللبنانية
عوني الكعكي للعالـمية:
كيف تتصوّر نظامًا يستقدم الغرباء لقتل شعبه؟!
مرجع في الخبر الدقيق، متواضع على كِبَر، هو قيمة مضافة للصحافة اللبنانية والعربية. إنه نقيب الصحافة اللبنانية الأستاذ عوني الكعكي. زارته «العالـمية» في النقابة، للوقوف على الأوضاع اللبنانية والإقليمية، وحاوره رئيس تَحرير «العالـمية» الأستاذ فوزي عساكر. والـمقابلة الـمتلفزة موجودة على قناة اليوتيوب الخاصة بالعالـمية: Al-aalamyya Magazine
نحن في دارك نقيب، وفيما نفتّش عن مصدر الخبر الصحيح، تكون أنت فيه الـمصدر الصحيح.
أوّلاً، أرحب بك أستاذ فوزي عساكر وبالعالـمية. فأنت في دارك، لأنّ نقابة الصحافة دار لكل صحافيّ، وأنا أُثني على عملك الصحافي، فأنت تُحبّ خدمة الـمهنة التي تُحبّها، كما أنك تتعمّد إيصال الخبر الصحيح من الـمصدر الصحيح. والنقابة هي للجميع وليست محسوبة على أحد، إنّما على الوطن والـمواطن ومصلحة الـمواطن.
نحن اليوم، بتسارُع أحداث، من انتخاب رئيس للجمهورية إلى تأليف حكومة جديدة غنية بالكفاءات. هل بدأ الحلم يتحقق أم أنّها مرحلة وسنعود إلى الخيبة؟
نحن أمام أكثر من زلزال… الزلزال الأول هو سقوط النظام السوري وهروب بشار الأسد، بعد حكم دام من العام 1970 وحتى 2024 (فترة حكم آل الأسد). لا شك أنّ الزلزال الذي وقع في سوريا كان غير متوقَّع إطلاقًا، ولا كان مُمكنًا تأمُّل حدوثه في هذه السرعة خلال ثمانية أيام. هل كان من الـممكن سقوط نظام قتلَ مليون ونصف سوري، وهجّرَ 12 مليونًا. الحمد لله أنه انتهى.
الكعكي: شبعنا حروبًا على مدى خمسين سنة ونحن فيها أدوات
كيف يُمكن أن يسقط نظام في ثَمانية أيام، كان قد قاومَ ثلاث عشرة سنة؟
هناك الكثير من الأسرار التي لم تُكشَف بعد. نعرف قسمًا منها، والقسم الأكبر لا نعرفه حتى الساعة. خطأ النظام، أنه خلال حرب ثلاث عشرة سنة بقي على تعنّته، ولم يُقِم مصالحة مع شعبه. تصوّر أنّ نصف الشعب السوري خارج الوطن، ومليون ونصف سوري قُتِلوا على يد هذا النظام الذي يستعين بِميليشيات خارجية لقتل أهل البلاد، أكان من حزب الله أو الحشد الشعبي أو الحرس الثوري الإيراني. كيف تتصور نظامًا يستقدم الغرباء لقتل شعبه؟! وأمام كل هذا، حصل سقوط النظام. فهكذا نظام لا يُمكن أن يستمرّ.
أمّا الزلزال الثاني فهو ما حدث في لبنان: مَن كان يتصوّر أنّ السيد حسن نصرالله يُقتَل، ولا يستطيعون دفنه إلاّ بعد خمسة أشهر، وبِموافقة عبر وساطة قطرية؟!
ولا ننسى زلزال البيجر الذي أصاب خمسة آلاف شخص.
اليوم، كل شيء تغيّر، ولا أحد بعد اليوم يحدّثنا عن الـمقاومة، لأنّ الـمقاومة للأسف، كان يجب عليها منذ العام 2000 أن تقول: أنا قمتُ بواجبي وحررت وطني وسأعود للعمل السياسي في لبنان، مع إنْهاء الدور العسكري، لأنّ مهمتي انتهت. مهمتي هي تَحرير لبنان، وأنا قد حررت لبنان. إنّما الخطأ الكبير أنّ حزب الله ذهب إلى سوريا للمشاركة بالحرب، ومن دون إذنٍ من أحد في لبنان، لا من الدولة ولا من الشعب.
يتبع غداً