خاص الهديل….

بقلم: ناصر شرارة
تندفع التطورات في المنطقة على نحو مكثف وذلك على نحو يوحي بأن الشرق الأوسط على موعد حتمي مع تغير كبير سيحدث فيه خلال هذا العام..
هناك مؤشرات بل وقائع تتحول لاتجاهات سياسية تؤكد على هذا المعنى؛ أي على نظرية أن الشرق الأوسط ذاهب لحدوث تغييرات عميقة فيه؛ تغييرات أقل من يالطا ولكنها أكثر من استمرار استقرار سايكس بيكو.
من هذه المؤشرات عودة الحديث عن أن تاريخ المنطقة السياسي الراهن، يبدأ منذ عام ٢٠١١؛ أي العام الذي تم إطلاق تسمية “عام الربيع العربي” عليه، أو “عام الثورات العربية..”
.. الفكرة المطروحة هي أن هذه الثورات العربية التي بدأت عام ٢٠١١، صادفها عوائق وأزمات وهي توقفت ولكنها لم تنته؛ وهي اليوم عادت لتستمر وتحصد نتائج؛ وأبرز دليل على صحة هذه النظرية هو ما حدث ويحدث في سورية؛ وأيضاً – ولو على نحو مختلف – ما حدث ويحدث في لبنان؛ وأيضاً – ولو غد على نحو مغاير – ما حدث ويحدث في السودان، الخ..
فكرة “الربيع العربي” ولدت على سرير الحزب الديموقراطي، وبالتحديد مع باراك أوباما؛ واليوم يشاع أن ترامب الجمهوري سيقود الفصل الثاني من عملية تنفيذ هذه الفكرة؛ ولذلك أرسل آدم بولر ليفتح حوار مع حركة حماس من وراء ظهر نتنياهو؛ حيث أن كاتب مقالة هأرتس هذا اليوم، يقول أن أولوية ترامب هي ثلاث: ١- استعادة الأسرى من حماس؛ ٢- وقف الحرب معها؛ ٣- التفرغ للتطبيع بين إسرائيل والسعودية؛ وهناك من يضيف أمراً آخراً على أولويات ترامب هذه؛ وهو التفرغ لإيران..
الأمر المركزي في هذا السياق هو أن ترامب “يقود ربيع أميركي في إسرائيل” وهو أرسل لتنفيذ هذه الفكرة آدم بولر الذي لا يتصرف داخل إسرائيل على أنه مبعوث دبلوماسي يريد تخليص الاسرى من حماس بل يتصرف على أنه المخلص الذي أرسله ترامب لتخليص الإسرائيليين وأهالي الأسرى من أنانية نتنياهو وقساوة قلب بن غفير وسيموتريتش..
وخلال وجود آدم بولر في إسرائيل ظهر أن هدفه هو تعطيل دور نتنياهو كعامل يمنع منذ عام ونصف لأسباب تخصه، إكمال عملية إيجاد نهاية سعيدة – لما يسمونه بإسرائيل – بمعاناة أهالي الأسرى.
بكلام آخر ترامب عبر فتح آدم بولر محادثات مع حماس وعبر تكليف بولر بالتحدث بشكل مباشر مع الشعب الإسرائيلي حيث تقصد أن يجري أمس وقبله دزينة من المقابلات مع معظم وسائل الإعلام العبري قال خلالها الرسالة التالية: أيها الإسرائيليون لا تقلقوا لأن الرئيس ترامب عازم على حل أزمة الأسرى.
أنصار نتنياهو استنفروا بمواجهة ربيع ترامب في إسرائيل وبمواجهة سلوك ترامب الذي يحاول الحديث مباشرة مع الشعب الإسرائيلي وليس من خلال نتنياهو.. وقال أنصار نتنياهو أن بولر لا يملك اتصالاً مباشراً مع ترامب كحال ستيف ديتكوف؛ وذلك في محاولة لتسخيف رسالته؛ ولكن بولر استمر ينشر رياح التغيير الأميركي داخل إسرائيل، وذلك على نحو يوحي بأن تغيير نتنياهو وحكومته قد يحدث قريباً، وذلك انطلاقاً من إعطاء انطباع بأن تغيير نتنياهو وحكومته سيمثل جزء من مشهد استكمال “ربيع المنطقة”، وليس فقط “الربيع العربي”(!!) الذي بدأ عام ٢٠١١ وتوقف، ثم يتم استعادة نبضه اليوم.
ووفق منطق أميركيين فإن الانقلاب على نتنياهو سيكون الحدث المركزي في خطة استكمال ما بدأ في العام ٢٠١١؛ لأن هذا الحدث سيؤسس لفتح أبواب استراتيجية يمكن الإشارة إليها بالتالي:
أولاً- سقوط نتنياهو على أيدي ترامب سيخلق صدمة تغيير في المنطقة تساوي في آثارها صدمة إسقاط بشار الأسد. فالأخير كان حقبة سياسية كاملة تم طي صفحتها مع سقوطه ونتنياهو يمثل حقبة سياسية كاملة سيتم طي صفحتها مع سقوطه.
ثانياً- الربيع الأميركي في إسرائيل (أي قيادة ترامب التغيير في إسرائيل) يعني أمراً استراتيجياً وهو أنه جرى تعديل جوهري على مصطلح الربيع العربي ليصبح “ربيع المنطقة” (ودائماً الإصطلاحات هنا هي من وجهة نظر غربية).

