الهديل

خاص الهديل: لماذا قال نتنياهو أنهم يأخذونني وعائلتي إلى باب الجحيم؟؟ 

خاص الهديل….

بقلم: ناصر شرارة

يقف نتنياهو كل أسبوع مرتين أمام المحكمة حتى يدلي بشهادته في قضايا الرشوى وسوء الأمانة المرفوعة ضده.

.. وأمس كان موعده ليقف في المحكمة ويجيب على أسئلة القاضية.. وككل مرة تصرف نتنياهو وكأن المحكمة خشبة مسرح حيث مارس فوقها موهبته في التمثيل السياسي ونزعته الاستعراضية لإظهار نفسه في صورة تفيد بأنه من ناحية هو حقاً شخصية أسطورية في إنجازاتها، وهو مع ذلك يواجه من ناحية ثانية الظلم من قومه كما يحصل بالعادة مع الأنبياء الذين يلاقون من بني جلدتهم نكراناً كبيراً.

أمس خالف نتنياهو بوقاحة لائحة آداب المحكمة؛ فهو رفع صوته خلال حديثه مع القاضية؛ وذلك لحد أكبر بكثير مما هو مسموح به، ما جعل القاضية تقاطعه وتقول له بلغة الأمر: اخفض صوتك !!

وأيضاً اتهم نتنياهو أمس المحكمة بأنها ظالمة ما يُعتبر أنه تحقير للقانون. قال نتنياهو: أنتم تأخذوني أنا وعائلتي إلى باب الجحيم..

.. الجحيم الذي يقصده نتنياهو هو القانون أما الذين يقودونه إليه هو المحكمة.

صحيفة يديعوت أحرنوت أظهرت اليوم في مقالة لأحد كتابها، صدمة الجسم القانوني والمدني من التهمة التي ساقها نتنياهو ضد القانون والقضاء الإسرائيليين؛ وبالمحصلة يلاحظ أن ردود الفعل في إسرائيل على مواقف نتنياهو أمس في المحكمة سلطت الضوء على مجموعة نقاط غاية بالأهمية تشرح كوامن الظاهرة التي يمثلها نتنياهو داخل الحياة السياسية والثقافية في إسرائيل:

ومحصلة كل هذه النقاط تسمح برسم صورة لنتنياهو تقول أن هذا الرجل يعتبر نفسه – بما يمثل – ، أنه أهم من القانون وأرفع شأناً لإسرائيل من القضاء.. وينظر لنفسه على أنه جاء لينقذ إسرائيل لكن قضاة إسرائيل وكبار القوم اليهود الإسرائيليين يتآمرون عليه لأنهم يحسدونه ويريدون أخذه مع عائلته إلى المقصلة.

السؤال المهم والخطر هنا هو هل نتنياهو يمارس نوبة استعراضية تراجيدية، أم أنه فعلاً هو يعني ما يقول ويصدق ادعاءته عن عظمته؟؟..

إذا كان نتنياهو يمثل ويناور كما يفعل بالعادة؛ فيبدو كلامه ضد القانون مفهوماً وعادياً؛ أما إذا كان نتنياهو يصدق ادعاءاته عن عظمة نفسه وعن أنه أهم شيء في إسرائيل، فهنا يجب النظر إلى هذا الأمر بوصفه مشكلة خطرة لإسرائيل وبوصفه نوعاً من العوارض الدالة على وجود اضطراب عصبي حاد يعاني منه نتنياهو. 

وفي هذا الإطار قد يكون نتنياهو هو واحد داخل الظاهرة التي يشهدها أعلى المستوى العالمي العقد الحالي. ومفادها وجود زعماء يعتبرون أنفسهم أكبر من أحزابهم التاريخية كظاهرة دونالد ترامب في الولايات المتحدة الأميركية أو الذين يعتبرون أنفسهم أنهم هم القانون وليسوا فقط فوق القانون، ولذلك يتجهون ليحكموا بالموت ليس فقط على أعدائهم بل حتى على مواطنيهم. وأبرز مثال على هؤلاء هو زعيم كوريا الشمالية.. والواقع أن نتنياهو تنطبق عليه مواصفات ترامب المتشاوف على سياسيي ونخب أميركا وأيضاً تنطبق عليه مزايا الزعيم الكوري لجهة أنه لا يقتل فقط أهل غزة بل الأسرى الإسرائيليين من خلال تقصد عدم التفاوض لإطلاقهم.

خلال وجوده داخل المحكمة سار المئات من أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، وهم ينادون بلغة متوسلة: اعمل شيء يا نتنياهو لإنقاذ الأسرى.. وبنفس الوقت كانوا يرفعون يافطات كتب عليها: مرتشي ومرتكب إساءة أمانة.

والواقع أنه بات هناك سبب للاعتقاد أنه ربما يكون وراء موقف نتنياهو من عدم إطلاق الأسرى عوارض اضطراب عصبي.. وما يدفع لهذا الاعتقاد الخطر هو أن نتنياهو يستطيع أن يوقف الحرب لأيام ويطلق الأسرى ثم يعاود الحرب؛ ومع ذلك لا يفعل ولا يهتز له جفن وهو يرى كل فترة الأسرى وهم يموتون في الأنفاق. السؤال المرعب هو هل يوجد في دواخل نتنياهو النفسية أية أسباب عصبية تجعله يرغب برؤية الأسرى الإسرائيليين وهم يموتون رغم أنه يملك قدرة على تخليتهم، وفرصة متاحة لإنقاذهم؟!

Exit mobile version