خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
من أطلق الصواريخ يوم أمس باتجاه المطلة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة؟؟.
رغم تركيز النقاش على هذه النقطة إلا أنها تظل غير مهمة أمام أهمية تحليل الرد السياسي والإعلامي والعسكري الذي مارسته إسرائيل بذريعة مواجهة الصواريخ الثلاثة!!.
أولاً- يلاحظ أن نتنياهو أمر برد عسكري لا يتناسب من حيث حجمه مع الهجوم الذي استهدف المطلة.. وكان واضحاً أن نتنياهو تقصد إثارة أكبر قدر من الضجة حول هجوم الصواريخ الثلاثة؛ وهدفه من ذلك افتعال سياق من الأحداث يبرر سياسات عدوانية يضمرها ضد لبنان في المرحلة المقبلة.
ثانياً- كان لافتاً المعادلة التي وضعها وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أمس ومفادها “بيروت مقابل المطلة”.
وهذه المعادلة تكشف جانب مهم داخل التفكير الإسرائيلي بخصوص ما تريد فعله تل أبيب مع الساحة اللبنانية. ويمكن للمراقب هنا ملاحظة تراتبية المعادلات التي طرحتها إسرائيل تجاه لبنان منذ ٨ أكتوبر ٢٠٢٣ ولغاية الآن.
أول معادلة أفادت “حيفا مقابل الضاحية”؛ وهذه المعادلة كانت توحي بأن إسرائيل تقبل بقواعد اشتباك مع حزب الله.
ثاني معادلة أفادت “تل أبيب مقابل بيروت”؛ وهذه المعادلة كانت توحي أيضاً بأن الصراع العسكري الإسرائيلي مع لبنان لا يزال له قواعد وضوابط..
ثالث معادلة جاءت من خارج سياق الصراع الجاري بين حزب الله وإسرائيل في لبنان وكان مفاده “قانون بيروت ينطبق على دمشق”؛ ولم يكن ممكناً حينها فهم أبعاد هذه المعادلة إلا بعد حدث سقوط النظام في سورية.
واليوم تطرح إسرائيل معادلة رابعة عنوانها “المطلة بمقابل بيروت”؛ وتبرز هذه المعادلة أن إسرائيل لم تعد ملتزمة بأية ضوابط أو أية قواعد للاشتباك بينها وبين لبنان.
والترجمة السياسية لمعادلة “المطلة بمقابل بيروت” تعني الأمور التالية:
أ- إسرائيل لم تعد تكتفي بحزام ال٥ كلم لضمان أمن مستوطناتها الشمالية الحدودية؛ بل هي باتت تعتمد لحماية مستوطناتها الحدودية على نظرية الردع المفرط رداً على أي حدث ينطلق نحوها من لبنان، بالإضافة لنظرية الحزام الأمني..
ب- إسرائيل باتت تعتبر أن أمنها الحدودي مع لبنان يتأمن بتطبيق كل موجبات القرار ١٧٠١ في شمال الليطاني، كما في جنوب الليطاني.. وهذا ما يفسر سبب إطلاق كاتس أمس معادلة بيروت مقابل المطلة؛ وهذا ما يفسر أيضاً قيام إسرائيل أمس بقصف عمق لبنان على الحدود مع سورية. وهناك معلومات تفيد أن اتصالات جرت لتحييد بيروت؛ بمعنى أن إسرائيل كانت أيضاً تريد قصف بيروت رداً على الصواريخ البدائية الثلاث.
الاستنتاج الأولي ولكن الأساسي من حادثة أمس هو أن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان تحيطه ظروف تشبه ظروف وقف إطلاق النار في غزة؛ بمعنى أن هذا الاتفاق لا يشكل جداراً صداً أو ضمانة كافية لعدم تجدد الحرب الإسرائيلية على لبنان.