تصر على الترسيم المستدام للحدود بنزع سلاح “حزب الله”
إسرائيل تضغط لبنانياً لاتفاق أكبر من الهدنة وأقل من التطبيع
محمد شقير
يترقب لبنان الرسمي الزيارة الموعودة لنائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لـ”الشرق الأوسط” مورغن أورتاغوس إلى بيروت، بعد انتهاء عطلة عيد الفطر، ليكون في وسع الرؤساء الثلاثة الدفاع عن موقفهم برفض تطبيع العلاقات اللبنانية- الإسرائيلية بإشراك دبلوماسيين في الوفد العسكري المفاوض، كشرط لبدء اجتماعات مجموعات العمل التي دعت إلى تشكيلها، ومخصصة لإطلاق الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل، وانسحابها من النقاط التي لا زالت تحتفظ بها، وترسيم الحدود بين البلدين طبقاً لاتفاقية الهدنة الموقعة بينهما، على أن تشمل النقاط الـ13 التي سبق للبنان أن تحفّظ عليها كونها أراضٍ لبنانية.
ويقول مصدر سياسي بارز بأن أورتاغوس بدعوتها لبنان لتطبيع علاقاته بإسرائيل ليست شخصية، وهي تستمد موقفها من مطالبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف لبنان وسوريا بالتوصل إلى معاهدة سلام مع إسرائيل، ويؤكد بأن انتقادها للجيش اللبناني ليس في محله على خلفية تحميله مسؤولية حيال إطلاق خمسة صواريخ على مستعمرة المطلة، فيما تلوذ بالصمت ولا تتطرق إلى الخروق الإسرائيلية التي لم تتوقف منذ أن وقّع لبنان على اتفاق وقف النار، ولا تلقى رداً من “حزب الله”.
ويلفت المصدر السياسي إلى أن الحزب تجاوب مع طلب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وبادر إلى إصدار بيان ينفي فيه علاقته بإطلاق الصواريخ الخمسة، ويؤكد بأنه تمكن من خلال الاتصالات الدولية والعربية، فور إطلاقها، من استيعاب رد فعل إسرائيل التي استعاضت عنه بمواصلة ملاحقتها للكوادر العسكرية والأمنية للحزب، واستهدافها جواً، كما تدّعي، لما تبقى من بنيته العسكرية في شمال الليطاني امتداداً إلى البقاع والحدود اللبنانية- السورية.
ويضيف بأن رئيس الحكومة نواف سلام كان استبق إطلاق الصواريخ عندما قال بأن صفحة سلاح “حزب الله” قد طُويت، وأن ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” أصبحت من الماضي، ويقول بأنه توخى من موقفه هذا توجيه رسالة إلى المجتمعين العربي والدولي، ومن خلالهما إلى الولايات المتحدة الأميركية، يؤكد فيها بأن الدولة وحدها من تحتكر السلاح، لكن لا بد من منح الحكومة فرصة لسحب سلاح الحزب طبقاً لما نص عليه اتفاق الطائف ولاحقاً القرار 1701.
ويؤكد المصدر بأن إسرائيل تعطّل الجهود الحكومية لسحب سلاح الحزب بمواصلة خرقها لاتفاق وقف النار، ولا يرى في المقابل من جدوى للحملات السياسية التي استهدفت الرئيس سلام على خلفية موقفه من سلاح الحزب، ويسأل كيف يمكن تأمين المساعدات لإعادة إعمار ما دمرته إسرائيل، ما لم يقل مباشرة ما أعلنه في هذا الخصوص، باعتبار أن الولايات المتحدة هي من يملك القرار بإعطاء الضوء الأخضر لإيصال المساعدات العربية والغربية إلى لبنان؟
ويسأل كيف توفّق واشنطن بين إشادة رئيس لجنة المراقبة الدولية برئاسة الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز المشرفة على تثبيت وقف النار بجهوزية الجيش اللبناني في توسيع انتشاره بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية المؤقتة “يونيفيل”، برغم أن إسرائيل بعدم انسحابها من عدد من المواقع، عطّلت استكمال انتشاره، وبين انتقاد أورتاغوس للجيش متذرّعة بإطلاق الصواريخ؟
كما يسأل لماذا تتجاهل واشنطن الدور الذي قام به رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ليس بالتوصل مع الوسيط الأميركي أموس هوكستين، وبتفويض من “حزب الله”، إلى اتفاق لوقف النار، وإنما لموقفه برفض الربط بين جبهتي الجنوب وغزة والذي ينسحب على عدم تعليقه على إسناد الحزب لـ”حماس”؟ ويقول المصدر السياسي بأنه بمواقفه تمايز عن حليفه الاستراتيجي وشكل رافعة لإنهاء الحرب من دون أن يدخل معه في خلاف إصراراً منه على احتضانه وإحاطته لضبط إيقاعه الذي كان في محله بتأييد الحزب لاتفاق وقف النار وللّجنة التي ترعى تطبيقه، برغم أن جنرالاً أميركياً يقف على رأسه؟
ويؤكد بأن واشنطن تدرك جيداً وجود استحالة أمام لبنان لتطبيع علاقاته بإسرائيل، وهي تضغط عليه بعدم اعتراضها على الخروق الإسرائيلية كشرط للتوصل إلى اتفاق، ويسأل: هل إنها على استعداد لسحب التطبيع من التداول ومقايضته بالتوصل إلى اتفاق أقل منه وأكبر من اتفاقية الهدنة؟
وبكلام آخر يعتقد المصدر بأن الضغط الأميركي على لبنان يهدف للتوصل إلى ترسيم دائم للحدود لن يتحقق ما لم يتلازم مع سحب سلاح “حزب الله” تطبيقاً للقرارات الدولية واتفاق الطائف، ويقول بأن وقوف الحزب خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي لتثبيت مستدام لوقف النار، يعني حكماً بأنه بات على قناعة بوجوب الاستجابة لمتطلبات انخراط لبنان في مرحلة سياسية جديدة غير السابقة، وتحديداً عندما قرر منفرداً، من دون العودة للدولة، إسناده لغزة، وبالتالي فإن سلاحه مع مرور الوقت يبقى بلا وظيفة في حال استعاد الجنوب استقراره ولم يعد من أخطار تهدده، واطمأنت إسرائيل إلى استعادة الدولة سيطرتها على كامل أراضيها، وإلا لماذا وافق على البيان الوزاري، وقاعدته الأساسية حصره بيد الدولة؟
لذلك يلفت المصدر إلى أن المقصود بالتوصل إلى اتفاق أكبر من اتفاقية الهدنة وأقل من تطبيع العلاقة يكمن في ضبط الحدود على نحو لن يسمح للحزب باستخدام سلاحه، وربما استندت أورتاغوس، بمطالبتها بإشراك دبلوماسيين في اجتماعات مجموعات العمل الثلاث، إلى سابقة تمثلت بإشراك لبنان دبلوماسي في مفاوضاته مع إسرائيل للتوصل إلى اتفاقية الهدنة، وإن كان التوقيع عليها حمل اسم الضابط الذي ترأس الوفد اللبناني.