اهمية التكامل بين وزارات الدولة اللبنانية لتعزيز وجذب الاستثمارات
يُعدّ الاستثمار، سواء الأجنبي أو الوطني، ركيزة أساسية لنمو الاقتصاد اللبناني، حيث يساهم في خلق فرص العمل، وتحفيز النمو، وتعزيز البنية التحتية. إلا أن تحقيق بيئة استثمارية جاذبة يتطلب توافر ضمانات قانونية قوية، واستقرارًا سياسيًا، ومشاريع قومية تنموية تقوم على مبادئ الشفافية والنزاهة. ولتحقيق ذلك، لا بد من تكامل الوزارات اللبنانية في رسم وتنفيذ السياسات الاستثمارية، إضافةً إلى دور محوري لقطاع رجال الأعمال في دعم هذه الجهود، كما هو الحال في التجربة الاماراتية والسنغافورية الناجحة وغيرها من التجارب العالمية.
يعتبر التعاون بين الوزارات المعنية بالاقتصاد، والاستثمار، والمالية، والتخطيط، والطاقة، والعمل، وغيرها، أمرًا أساسيًا لضمان بيئة استثمارية مستقرة وجاذبة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال:
-التنسيق بين الوزارات
يجب أن تعمل الوزارات اللبنانية ضمن رؤية اقتصادية موحدة، بحيث تُكمل جهودها بعضها البعض، بدلاً من أن تكون كل وزارة تعمل بمعزل عن الأخرى. هذا التنسيق يمكن أن يسهل الإجراءات البيروقراطية، ويخلق بيئة أعمال أكثر سلاسة، مما يعزز ثقة المستثمرين. ومن الحلول الفعالة لإنجاز ذلك، إنشاء هيئة وطنية للتنسيق بين الوزارات تُعنى بتسهيل الاستثمارات، ووضع سياسات اقتصادية متكاملة.
– وضع إطار قانوني واضح وشفاف
يحتاج المستثمرون إلى قوانين واضحة تحمي حقوقهم، وتضمن استقرار استثماراتهم. وهذا يتطلب تعاون وزارة العدل مع وزارة الاقتصاد والتجارة لإقرار تشريعات تحمي الاستثمارات وتعزز الشفافية في العقود والمناقصات الحكومية. كما أن تحديث القوانين بما يتناسب مع التطورات الاقتصادية العالمية سيكون عاملًا مهمًا لجذب المستثمرين.
ان ضمان الاستقرار السياسي والأمني مهم جداً تلعب وزارات الداخلية والدفاع والخارجية دورًا حاسمًا في تحقيق الاستقرار السياسي والأمني، وهو شرط أساسي لجذب الاستثمارات. فغياب الاستقرار يؤدي إلى تردد المستثمرين، لذلك يجب العمل على تعزيز الثقة الدولية بلبنان عبر سياسات أمنية مستقرة وعلاقات دبلوماسية قوية.
كما يجب أن تتعاون وزارة المالية مع وزارة الأشغال العامة والنقل ووزارة الطاقة لإطلاق مشاريع بنى تحتية كبرى، مثل تطوير الموانئ والمطارات، وتحديث شبكات الكهرباء والطرق، مما يعزز ثقة المستثمرين بالاقتصاد اللبناني. ويمكن تنفيذ هذه المشاريع من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، كما هو الحال في العديد من الدول الناجحة.
لا يمكن تحقيق بيئة استثمارية جاذبة دون التزام حقيقي بمكافحة الفساد، وهو ما يتطلب تعاون وزارة العدل وهيئات الرقابة المالية والإدارية لضمان الحوكمة الرشيدة. كما أن التحول الرقمي في المعاملات الحكومية يمكن أن يقلل من البيروقراطية والفساد، مما يسهم في تحسين مناخ الاستثمار.
يجب مراجعة الاتفاقيات الاقتصادية الدولية
حيث تعد الاتفاقيات الاقتصادية التي وقّعتها الدولة اللبنانية مع الدول الأخرى عنصرًا أساسيًا في جذب المستثمرين، لكن لا بد من مراجعتها بانتظام لضمان أنها تحقق أفضل المكاسب للبنان وتكون عنصرا مطمئنا للمستثمرين الأجانب
يمكن لوزارة الخارجية والتجارة بالتعاون مع وزارة المالية والوزارات الأخرى المعنية إعادة تقييم هذه الاتفاقيات لجعلها أكثر توافقًا مع متطلبات التنمية الاقتصادية والاستثمارية في لبنان.
ان دور رجال الأعمال في دعم الاستثمار والتنمية مهم جداً
يجب أن يكون لقطاع رجال الأعمال دور أساسي في دعم الدولة على المستوى الوزاري، حيث يُعدّ القطاع الخاص شريكًا أساسيًا في التنمية الاقتصادية. ويمكن الاستفادة من تجارب دولية ناجحة مثل الإمارات وسنغافورة، حيث يشارك رجال الأعمال في رسم السياسات الاقتصادية ودعم الاستثمارات.
ويمكن أن يتجسد هذا الدور في لبنان عبر:
• إشراك رجال الأعمال في صنع القرار الاقتصادي، من خلال مجالس استشارية مرتبطة بالوزارات المعنية.
• تسهيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لتمويل وتنفيذ المشاريع الوطنية الكبرى.
• تقديم حوافز للشركات اللبنانية الكبرى للاستثمار داخل البلاد بدلاً من توجيه استثماراتها إلى الخارج.
يتطلب جذب الاستثمارات في لبنان نهجًا شاملاً يقوم على تكامل عمل الوزارات المختلفة، وضمان الاستقرار السياسي، وتعزيز الشفافية، وإطلاق مشاريع وطنية كبرى. كما أن مراجعة الاتفاقيات الاقتصادية، وتحديث القوانين، والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة، كلها عوامل أساسية في تحسين مناخ الاستثمار. إن تحقيق هذه الرؤية سيضع لبنان على خارطة الدول الجاذبة للاستثمارات، مما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني ومستقبل الأجيال القادمة.