ننتظر ردّ المملكة المغربية على كلام عمرو موسى
كتب عوني الكعكي:
لفتني تصريح وزير الخارجية المصرية الأسبق، والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية حول تجاوز المملكة المغربية التطبيع مع إسرائيل الى التبعية الكاملة.
ومما زادني دهشة واستغراباً، كون السيّد عمرو موسى من الرجال المحترمين الذين لا يلقون الكلام جزافاً، بل هم يتحدثون دائماً بكثير من المنطق والاتزان…
هذا الكلام الخطير… دفعني الى الإصرار على كتابة هذا المقال، متمنياً على المملكة المغربية الشقيقة، الردّ على ما جاء في كلام موسى، وتوضيح الصورة التي أثارها السيّد عمرو موسى. فالأمر يحتاج الى توضيح وتبيان للحقيقة، لما يتركه من أمور قد يُساء فهمها، خصوصاً أنّ الأمة العربية تمرّ في هذه الأيام بمرحلة دقيقة وحسّاسة تحتاج الى كثير من الرويّة والتأني.. بعد عملية «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر 2023، والتي لا تزال تداعياتها على غزة والشعب الفلسطيني بادية للعيان، وهي تظهر بلا شك جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني… هذه الإبادة التي وصلت الى ذروة الهمجيّة.
كما أن العدوان الإسرائيلي على لبنان… والذي جاء ردّاً على إقدام حزب الله اللبناني على شن حرب مساندة لغزة، ضد الدولة العبرية المعتدية.
كل هذا وسط اشتداد الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وهو يشير الى توتر سياسي قد يتحوّل الى صراع عسكري في أي لحظة. فجذور الصراع العربي ـ الإسرائيلي مرتبطة بظهور الصهيونية واعتقاد الصهاينة بأنّ فلسطين هي أرض الميعاد، وأنهم وعدوا بهذه الأرض وفقاً لنصوص في التوراة، متناسين أنهم مُنِحوا هذه الأرض هدية ممن لا يملكها، وزير خارجية بريطانيا التي كانت منتدبة لحكم فلسطين، هذا الوعد الذي جاء ضمن رسالة بتاريخ 2 تشرين الثاني عام 1917 وجهها آرثر بلفور الى اللورد ليونيل دي روتشيلد، أحد أبرز أوجه المجتمع اليهودي البريطاني، لنقلها الى الاتحاد الصهيوني لبريطانيا العظمى وإيرلندا.
وهذا هو نص رسالة السيد عمرو موسى أنقلها كما جاءت، وأنتظر ردّ المملكة المغربية.
قال عمرو موسى:
«لقد تجاوز المغرب التطبيع مع إسرائيل، الى التبعية الكاملة، وبات يمثّل خطراً على دول الجوار…
وأضاف في تصريح لافت في 24 آذار (مارس) 2025، أن ما قامت به المملكة المغربية أثار ويثير الجدل حول سياسات المغرب الخارجية”.
واعتبر الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى أن الرباط لم تكتفِ بتطبيع علاقاتها مع «إسرائيل»، بل تجاوز ذلك الى مستوى التبعية الكاملة… «وحذّر من أنّ هذه السياسة قد تشكّل خطراً على أمن واستقرار دول الجوار».
وبحسب موسى، فإنّ عملية صهينة خطيرة تجري داخل المغرب تشمل مختلف مؤسّسات الدولة: من التعليم والاقتصاد الى التعاون العسكري والشؤون الدينية…
ومن أخطر هذا التغلغل – يضيف موسى -: مشروع منح الجنسية المغربية لضباط إسرائيليين من أصول مغربية.. مما قد يفتح الباب أمام توليهم مناصب حسّاسة داخل الدولة، فضلاً عن إمكانية تحرّكهم بحرية داخل دول الجوار، كمواطنين مغاربة. كما أشار الى قانون جديد يسمح باسترجاع اليهود المغاربة لممتلكاتهم، حيث أصدرت محاكم مغربية عدّة أوامر بإخلاء مواطنين مغاربة من منازلهم وأراضيهم الزراعية لصالح يهود كانوا يقيمون في البلاد سابقاً.
يأتي كل هذا – يتابع موسى – في خطوة أثارت مخاوف بشأن تداعياتها على النسيج الاجتماعي المغربي.
وأوضح موسى أنّ العلاقة بين المغرب وإسرائيل ليست جديدة، بل تعود الى ستينيات القرن الماضي. لكن هذه العلاقة تطوّرت بشكل غير مسبوق بعد توقيع اتفاقية التطبيع عام 2020، حيث أصبحت الرباط أكثر استعداداً لتقديم تنازلات سياسية وعسكرية في سبيل تأمين دعم تلّ أبيب وواشنطن لموقفها في قضية الصحراء الغربية.
وفي هذا السياق، كُشِف عن إنشاء قاعدة عسكرية إسرائيلية في المنطقة الفاصلة بين مدينة مليلية والحدود الجزائرية، معتبراً ذلك استفزازاً صريحاً للجزائر وإسبانيا.
ولم يكتفِ المغرب بذلك، بل أرسل 5000 جندي مغربي للمشاركة في الحرب الجارية في غزة الى جانب تزويد إسرائيل بأسلحة مغربية.
كما كشف عن قيام المغرب بدفع مليار دولار لحكومة إسرائيل أثناء عدوانها الأخير على غزة، في إطار صفقة لشراء قمر صناعي تجسّسي، ما يثير تساؤلات حول مدى انخراط الرباط في دعم سياسات إسرائيل العسكرية في المنطقة.
أضاف موسى: هذا وقد سمحت المغرب للسفن الإسرائيلية الى تعطيل أجهزة الإرسال والاستقبال لتجنّب لفت الأنظار الى هذا التعاون.
وختم موسى موجهاً انتقادات لاذعة للنظام المغربي، وقال: «هناك تناقض واضح بين الخطاب المغربي بشأن دعم القضية الفلسطينية وواقع سياساته».
لقد بات واضحاً من هو «الأونطجي» ومن هو الذي يحمل القضية الفلسطينية بصدق.
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*