خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
هناك سباق في المنطقة بين حل الأزمات القائمة وبين تحول هذه الأزمات إلى كوارث.
.. بين واشنطن وطهران يوجد هذا النوع من السباق، حيث يريد ترامب وضع إيران على طريق سريع لإنتاج حل أميركي للملف النووي؛ بينما إيران تريد تفاوضاً على التفاوض، ولتحقيق هذا الهدف، ترفع شعار لن نتفاوض تحت الضغوط والتهديدات.. وبمقابل هذا المسار يعمل نتنياهو من أجل أخذ السباق الإيراني الأميركي ليس إلى نهاية سياسية، بل إلى كارثة عسكرية.
وفي تركيا هناك سباق بين المعارضة التي تريد معاقبة أردوغان على سجن أكرم أمام أوغلو وبين أردوغان الذي يريد تكريس زعامته ليس فقط كرئيس منتخب بل كرئيس لا يوجد منافس له في كل تركيا على هذا المنصب. وما يدعو للقلق هو أن هذا السباق يجري فوق زجاج متشظي، لدرجة أن أردوغان ذاته بات يعترف بأنه قد يفضي إلى فوضى وعنف وكارثة.
في سورية هناك سباق بين منطقين إثنين؛ المنطق الأول ينصح بحل قوامه تشكيل حكومة موسعة تضم كل المكونات السورية، والمنطق الثاني يريد تشكيل حكومة توسيع حكم هيئة تحرير الشام وكل مكونات الفصائل الجهادية.. في حال لم ينجح الشرع بالاعتراف بالفرق بين هذين المنطقين وقرر السير بالمنطق الثاني، فإن سورية ستدخل إلى نادي الدول التي تعيش أو تتجه نحو الحل الكارثي، أي الصدام.
وتكمن الأزمة في أن معظم دول المنطقة بحالة سباق بين حل الأزمات من جهة وإمكانية تحولها إلى كوارث من جهة أخرى؛ وتكمن في أن الدول الإقليمية الوازنة التي كانت تنتج حلولاً لمشاكل المنطقة أصبحت هي نفسها “صاحبة مشاكل”، وتحتاج مشاكلها لحل غير متوفر لديها ما يهدد بانزلاقها إلى هاوية تحول أزمتها إلى كارثة.
حتى إسرائيل التي تعلن أنها تغير الشرق الأوسط؛ فهي في واقع حالها لا تستطيع تغيير الوضع في بيت لاهيا ولا على محور نتساريم؛ وبدل ذلك تختار توسيع أهداف الحرب لأنها لا تملك القدرة على توسيع فرص الحل.
وعليه تبدو الصورة كالتالي: أحمد الشرع يضمر توسيع حكومة حكم هيئة تحرير الشام لسورية، وليس توسيع تمثيل كل سورية في حكومته؛ فيما أردوغان يريد توسيع فترات رئاسته بدل توسيع صدره لتقبل منافسه أوغلو؛ في حين أن إيران تريد توسيع وقت التفاوض وليس توسيع فرص إنهائها؛ وكل هذا يعني أمراً واحداً وهو أن هذه الفترة تشبه عملية ما يحدث من تفاوض بين حماس ونتنياهو؛ حيث الأخير لا يريد توسيع احتمالات الحل من خلال الانتقال من تنفيذ المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة إلى تنفيذ المرحلة الثانية لبدء إطفاء النار في غزة؛ بل يريد توسيع المرحلة الأولى عبر زيادة مدتها بغرض زيادة فترة البقاء داخل الأزمة وداخل تسعير النار بدل الدخول في فترة الحل وإطفاء النار.. والواقع أن الوضع بخصوص كل مشاكل المنطقة هو في حالة مد الفترة الزمنية الخاصة بمرحلة الوقوف عند باب الحل وليس ولوجه لمرحلة دخول المنقطة بدء الحل.
قد يكون المطلوب من الجميع، وبينهم لبنان، البقاء في المرحلة الأولى عبر تمديد فتراتها الزمنية المرة تلوى الأخرى، وكل الغاية من ذلك عدم الدخول في المرحلة الثانية التي تشتمل على نزول إسرائيل من التلال الخمس واستطراداً تنفيذ بنود الحل.. والواقع أنه من غير العروف متى سيسمح للمنطقة بأن تدخل المرحلة الثانية التي فيها تنفيذ خطط الحل، وثمة من يعتقد أن إشارة الانطلاق لدخول مرحلة تنفيذ الحلول لا تزال موجودة داخل ملف حرب غزة؛ حيث الحل بخصوصها صار له نتائج إقليمية، وعليه صار – بحسب نتنياهو- مدخلاً لإعادة ترسيم خرائط نفوذ إقليمية.