رسوم جمركية على لبنان… هل تتأثر منتجاتنا؟
النهار
في خطوة أثارت جدلاً، قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على عدد من الدول العربية، بينها لبنان. وبينما كان من المتوقع أن تستهدف هذه الرسوم الدول ذات التبادل التجاري الكبير مع الولايات المتحدة، جاء إدراج لبنان من ضمن القائمة ليطرح تساؤلات حيال مدى تأثير القرار على الاقتصاد اللبناني وما إذا كان يستحق كل هذا الاهتمام.
لماذا لبنان؟
لبنان ليس بين الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة، إذ لا يشكل التبادل التجاري بين البلدين رقماً ذا أهمية كبيرة مقارنة بدول أخرى. الصادرات اللبنانية إلى أميركا تُقدَّر بحوالى 200 مليون دولار سنوياً، وهو رقم متواضع للغاية في الميزان التجاري، بحسب الخبير الاقتصادي الدكتور خلدون عبد الصمد الذي شرح في حديث الى”النهار” أنّ “معظم هذه الصادرات يتألف من المنتجات الغذائية المصنعة، مثل زيت الزيتون، الطحينة، والمخللات، إضافة إلى بعض المنتجات الزراعية مثل التفاح وبعض الخضر والفاكهة، ولكن بكميات محدودة نظراً بعد المسافة وصعوبة شحن المنتجات الطازجة”.
من ناحية أخرى، تعتمد الأسواق اللبنانية بشكل أكبر على الواردات الأميركية، ما يجعل الميزان التجاري بين البلدين غير متكافئ لمصلحة الولايات المتحدة، بحسب عبد الصمد. وبالتالي، فإن فرض رسوم جمركية على المنتجات اللبنانية لا يبدو أنه يستند إلى اعتبارات اقتصادية بحتة، بل قد يكون جزءاً من سياسة تجارية أوسع تشمل العديد من الدول بغض النظر عن حجم التجارة معها.
هل يستحق الأمر كل هذا الاهتمام؟
عند النظر إلى حجم الصادرات اللبنانية إلى الولايات المتحدة، يتضح أن التأثير الفعلي لهذه الرسوم سيكون محدوداً للغاية. فحتى مع فرض 10% رسوماً جمركية، فإن لبنان لا يصدر كميات ضخمة إلى السوق الأميركية، وبالتالي فإن “التأثير على الاقتصاد اللبناني سيكون طفيفاً إن لم يكن معدوماً”، في رأي الخبير الاقتصادي.
ويضيف أنّ “المصدرين اللبنانيين لديهم بدائل أخرى، سواء من خلال الأسواق الأوروبية أو الأسواق العربية، التي قد لا تفرض قيوداً مماثلة على المنتجات اللبنانية. كما أن المنتجات اللبنانية، ولاسيما منها الغذائية، تستهدف في الغالب المغتربين اللبنانيين والعرب في أميركا، الذين قد يواصلون شراءها حتى مع ارتفاع طفيف في أسعارها”.
في المحصّلة، فرض ترامب رسوماً جمركية على لبنان قد يبدو من الناحية الاقتصادية إجراءً غير مؤثر، لكنه يأتي في سياق سياسة تجارية عامة تستهدف العديد من الدول، بغض النظر عن حجم التبادل التجاري بينها وبين الولايات المتحدة. ومع محدودية الصادرات اللبنانية إلى أميركا، فإن هذه الرسوم لن تكون ذات أثر ملموس على الاقتصاد اللبناني، ما يجعل التساؤل حول جدوى فرضها منطقياً. في النهاية، قد يكون وقع القرار سياسياً أكثر منه اقتصادياً، في ظل توجهات ترامب لفرض سياسات حمائية واسعة النطاق على المستوى الدولي.