حالة سياسية تخلخل المعادلات التقليدية وتفرض إيقاعاً جديداً في “عاصمة الجنوب”
مرعي أبو مرعي: عرّاب هزيمة “العونيين” و”الجماعة الإسلامية” والبزري
المصدر: نداء الوطن
تكتسب نتائج الانتخابات البلدية ولا سيما في الحواضر الثلاث الكبرى ذات الأكثرية السنية، بيروت وطرابلس وصيدا، أهمية تتجاوز سياقاتها الكلاسيكية، لما تحمله من دلالات سياسية في لحظة تحولات كبرى. ما بين صعود قوى وشخصيات وترنح أخرى، أثبتت نتائج صيدا أن رجل الأعمال مرعي أبو مرعي يشكل حالة سياسية أسهمت في خلخلة المعادلات التقليدية، وتتجه باقتدار وثبات لفرض إيقاع جديد على الاستحقاق النيابي في “عاصمة الجنوب” الربيع المقبل.
وفيما أرادت القوى والشخصيات التي تشكل أركان المعادلة التقليدية في صيدا استثمار الاستحقاق البلدي لقياس نبض الرأي العام، فإن نتائجها أثبتت حضور وتأثير مرعي أبو مرعي كلاعب سياسي يشكل رقماً صعباً، يرتكز نهجه على مفهوم “قوة التوازنات” وليس الغلبة، من خلال صياغة تحالفات متينة بين القوى والشرائح الاجتماعية والتيارات الفكرية، بما يضمن مشروعية تمثيلية واسعة تعضد مسيرة استنهاض الدولة، مما قاد إلى توافقات بلدية ناجحة وخصوصاً في “الهلالية”.
مد اليد إلى المزاج الحريري لتخفيف “مظلوميته” عبر لائحة “سوا لصيدا” التي كان له الدور الأبرز في فوزها بالنصف زائداً واحداً، وتالياً رئيس البلدية ونائبه، رغم الدعاية السلبية التي مارستها أوساط دينية سنية ومحاولة تصويرها بأنها “إسرائيلية”، في مواجهة “نبض البلد” المدعومة من النائب أسامة سعد ورجل الأعمال محمد زيدان، و”صيدا بدها ونحنا قدها” المدعومة من النائب عبد الرحمن البزري، و”صيدا بتستاهل” المدعومة من “الجماعة الإسلامية”. في حين اختار “الثنائي الشيعي” تشكيل خليط مرشحين من مختلف اللوائح لإثبات قوته التصويتية بالإتكاء على أرصدة هذه اللوائح.
قوة حضور أبو مرعي لم تنبع من فراغ، بل عبر تراكم تجارب واختبارات عززت ثقة القواعد المجتمعية به. دخل ميدان السياسة المعقد منذ قرابة عقدين، عبر أنموذجه الخاص الذي يعكس طبيعة ما يتسم به نهجه من انفتاح على مختلف المكونات ضمن “الموازييك” اللبناني، فأطلق عام 2007 “تجمع 11 آذار” الذي حمل طابعاً اقتصادياً طغى على السياسة، في محاولة لإيجاد مساحات مشتركة تكسر حدة الانقسام العمودي بين 14 و8 آذار، وما أدى إليه من تعطيل عجلة الدولة ونتائجه السلبية على المصالح الاقتصادية.
ومذاك راح يراكم في حضوره السياسي، وينسج علاقات مع القوى والتنظيمات والشخصيات وقادة مؤسسات الدولة، في موازاة فتح مسارات مع مختلف مراكز القوى المجتمعية والدينية، ساعياً إلى توظيفها لدعم نهج الدولة والمؤسسات بمعزل عن هوية أركان السلطة.




