الهديل

خاص الهديل: مهمة براك في سورية ولبنان: “غموض بناء” أم “فشل هدام”!!

خاص الهديل….

 

بقلم: ناصر شرارة

هناك أهمية كبيرة لعملية ترتيب مشاهد الأحداث في المنطقة؛ كون ما يحدث هو فيلم أميركي طويل متصلة مشاهده بعضها ببعض؛ وبالتالي من يخرج من قاعة العرض يجب عليه أن يتوقع حينما يعود لمتابعته أنه لن يستطيع فهم المشهد الحالي لأنه فاته المشهد المتصل الذي سبقه..

لم يعد هناك شك في أن توم براك هو بطل الفيلم الأميركي في المشرق العربي والإقليمي الجاري عرضه حالياً؛ و يحظى براك بثقة كبيرة من صديقه ورئيسه منتج الفيلم دونالد ترامب..

 وخلال بداية هذا الأسبوع عرض براك مشهد زيارته لبيروت وتلقيه رد لبنان على مذكرته عن إسرائيل وعن سورية ولبنان وعن سحب سلاح حزب الله (الخ..)؛ ويتوقع أن تكون ذروة المشهد اللبناني بعد نحو أسبوعين، وذلك حينما يسلم براك رده على الرد اللبناني سواء من خلال حضوره شخصياً لبيروت أو من خلال السفارة الأميركية..

السؤال من سيكتب رد براك على الرد اللبناني (؟؟)؛ هل سيكتبه بنفسه أم سيكلف فريق عمله؛ أم سيكون براك مضطراً ليفعل ذلك بالتنسيق مع إسرائيل كونها هي الطرف الثاني بالاتفاق المزعم التوصل إليه مع لبنان.

يلاحظ أن براك لم يذهب إلى إسرائيل بعد زيارته للبنان؛ بل قصد فوراً سورية؛ وهناك لم يكمل ما فعله بلبنان بخصوص ترسيم الحدود بين لبنان وسورية؛ بل ركز على مشهد آخر هو العلاقة بين أحمد الشرع وقسد (أي الأكراد).

وفي المشهد السوري – الكردي ظهر براك وهو يتدخل شخصياً ويجلس داخل غرفة التفاوض بين الكرد وإدارة الشرع لحثهما على الاتفاق، ولكنه لم ينجح، وانتهى الاجتماع بخلاف أكبر بين إدارة الشرع وكرد سورية بزعامة مظلوم عبدي.

ما الرابط بين مشهدي زيارة براك لبنان وبين زيارته لسورية ورعايته عقد اجتماع للمصالحة بين الشرع ومظلوم عبدي؟؟.

يوجد رابط واحد وهو “عدم النجاح”؛ ففي لبنان انتهت زيارته إلى عدة نتائج ليس بينها نتيجة النجاح. انتهت إلى نتيجة “الغموض” أو نتيجة المزيد من “الانتظار”، الخ.. وفي سورية أمس انتهت جهوده إلى نتيجة فشله في جعل أحمد الشرع ومظلوم عبدي يتفقان ولو على شيء واحد؛ وبالتالي في لبنان كما في سورية فإن براك يقود تفاوضاً لا يوحي مساره بأنه ذاهب بأفق إحلال التوافقات والسلام؛ بل بأفق يعزز الأسباب التي تدفع لتوقع اندلاع حرب إسرائيلية جديدة على لبنان من جهة؛ وتفجر حرب بين الكرد وإدارة الشرع في سورية من جهة ثانية.

يلاحظ أن لهجة الاتهام ضد براك بدأت ترتفع وذلك لجهة أنه يقود سياسة غموض أميركية كبيرة سواء بخصوص مستقبل علاقة الكرد بالدولة السورية الجديدة التي يجري إنشاؤها؛ أو بخصوص مستقبل علاقة أميركا بلبنان الذي يتم إعادة ترميم دوره في منطقته وموقع الدولة فيه!!

لا يبدو واضحاً موقف أميركا من قسد؛ وما إذا كان براك صادقاً حينما يقول ليس لقسد سوى طريق واحد هو دمشق؛ بمعنى أن على الكرد الانخراط كلياً بالدولة السورية. وهناك مثل ماثل؛ وهو أن بريمر المفوض الأميركي المطلق في العراق قال بعد سقوط صدام حسين أن واشنطن ضد حكم ذاتي كردي في العراق وهي مع دولة مركزية في العراق. وتمر الأيام لتثبت أن بريمر كان يكذب ويناور، بدليل أن الكرد حصلوا على فيدالية في كردستان العراق بدعم كامل من أميركا !!

السؤال اليوم هل يناور براك في سورية ويقول شيئاً يقصد عكسه بخصوص مستقبل الكرد في سورية؛ واستدراكاً هل ما قاله براك في لبنان قبل يومين كان أيضاً من باب المناورة بحيث أن ما قاله عن تفهمه للرد اللبناني يخفي وراءه موقف آخر أو غاية أخرى لا يمكن معرفتها قبل مرور نفس الوقت الذي كان العالم بحاجة إليه حتى يكتشف أن موقف أميركا من كرد العراق مغاير تماماً لمضمون الموقف الذي أعلنه بريمر بخصوص رفض فيدرالية الكرد في العراق..

Exit mobile version