خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة
كشفت أمس الأحداث المؤسفة بالسويداء أمراً مهماً وقد يكون استراتيجياً؛ علماً أن هذا الأمر لا يتصل بالجوهر المباشر للحدث؛ أي مسألتي السِلم السوري الداخلي وتوحيد الصف اللذين هما مطلب كل مخلص شريف سوري وعربي؛ ولكن الأمر الثاني الذي كشفته هذه الأحداث المؤسفة هو موقف إسرائيل من جنوب سورية وبصيغة أخرى كشفت كيف تفكر إسرائيل بالرئيس أحمد الشرع وبدروز سورية وبمجمل الوضع السوري.
أقله أمس هناك ثلاثة اتجاهات بالتفكير تكشفت بخصوص موقف إسرائيل من تطورات الأحداث في سورية؛ وهي اتجاهات يمكن استنباطها من خلال طريقة تعاطي الإعلام العبري ونخبه الإعلامية مع حدث السويداء المؤسف:
الاتجاه الأول طرح سؤالاً على نتنياهو: لماذا في كل مرة تتدخل بعد وقوع الحدث العسكري في السويداء وليس قبل وقوعه؛ علماً أن التدخل قبل وقوعه كان سيؤدي إلى منع حصوله من الأساس؟؟.
واضح أن صيغة السؤال كما طرحت في بعض الإعلام الإسرائيلي، توحي أن هناك اتهاماً لنتنياهو بأنه يخفي غاية ما من وراء تقصده أن يترك الأحداث الدامية تحصل في السويداء أو بين أبنائها والحكومة؛ ومن ثم يأتي ليقدم نفسه بوصفه المخلص والبطل..
.. إحدى غاياته من ذلك هو إرضاء الصوت الدرزي في الليكود؛ ولكن أيضاً قد يكون لنتنياهو غايات أخرى أبعد وأخطر؛ ولن يكون سهلاً اكتشافها الآن.
اتجاه التفكير الثاني حسبما ركزت عليه جهات في الإعلام العبري سأل هل يمكن تأمين حماية الدروز من الجو.. وبحسب هذا الاتجاه فإنه حتى يمكن حماية دروز السويداء فعلياً فإنه يجب أن تنزل قوات إسرائيلية على الأرض؛ وهذا أمر مستبعد لعدة أسباب، بينها أن إسرائيل تخوض حروباً على عدة جبهات، وليست بوارد فتح جبهة جديدة؛ وثانياً لأن صانع القرار الإسرائيلي لن يضحي بجنود إسرائيليين من أجل حماية دروز سورية!!
الاتجاه الثالث الذي ركزت عليه وسائل إعلام إسرائيلية فهو ذهب للعودة للتشكيك بأن الرئيس أحمد الشرع تغير ولم يعد متطرفاً إسلامياً.. وطرح هذا الاتجاه عدة أسئلة معتبراً أنها تجاوب عن نفسها:
السؤال الأول: كيف نفاوض الشرع في باكو وبنفس الوقت نقصف قواته في جنوب سورية؟؟
السؤال الثاني هل الشرع بحسب مشاهد السويداء تغير فعلاً؛ وكيف يجب أن تتصرف معه إسرائيل!؟.
السؤال الثالث: هل يجب على إسرائيل أن تكون جاهزة لوضع تُبرم فيه اتفاق مع الشرع ثم في اليوم التالي على هذا الاتفاق يتم اغتياله؟!.. حينها كيف ستتصرف إسرائيل؟؟!
طبعاً كل هذه السيناريوهات هي إسرائيلية ويتم استعراضها في هذه السطور بغرض الوقوف على مسألة كيف تفكر إسرائيل التي باتت إحدى عناصر المشهد في جنوب سورية؛ ولكن في الأساس وفي النهاية يبقى الرهان على الحل السوري لمشاكل سورية التي يتطلع الجميع إليها برجاء أن تتوحد كل أطيافها في بوتقة مصلحتها الوطنية.