مع اقتراب موعد زيارة الموفد الرئاسي الأميركي توم براك إلى بيروت، تزداد الضغوط الأميركية على لبنان بشأن ملف نزع سلاح “حزب الله”، وسط مؤشرات على نية واشنطن فرض جدول زمني صارم لا يتعدى أربعة أشهر، كشرط أساسي للتقدم في المسار الدبلوماسي.
مصادر أميركية كشفت أن الاقتراح الأميركي الذي سيعرضه براك على المسؤولين اللبنانيين يتضمن خطوات متبادلة بين لبنان وإسرائيل لتهدئة التوتر، تبدأ بتسليم “الحزب” أسلحته الثقيلة. إلا أن هذه الخطوة تُواجَه بعقبات داخلية معقدة، في ظل تحفظات رسمية لبنانية على الالتزام بمواعيد نهائية واضحة.
جدل حول الالتزام والتوقيت
رغم أن الجانب اللبناني عبّر، عبر رسالة من سبع صفحات وقّعها الرئيس جوزاف عون، عن “رغبة” في التعامل مع ملف نزع السلاح، إلا أن الرد حمل في طيّاته تأكيدًا على أن التنفيذ سيتم “بطريقتنا الخاصة وبالوقت الذي نراه مناسبًا”، وهو ما تعتبره واشنطن تمييعاً للموقف ومحاولة للهروب من الاستحقاق الحقيقي.
الباحثة في معهد واشنطن، حنين غدار، أوضحت لـ”نداء الوطن” أن الفارق الجوهري بين بيروت وواشنطن يكمن في التباين حول الالتزام الزمني، مشيرة إلى أن “الحزب” يفاوض حالياً على تأجيل تسليم السلاح إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية، خوفاً من خسارة النفوذ السياسي، في حين تصر الولايات المتحدة على أن يتم النزع قبل الانتخابات لضمان بيئة سياسية أكثر توازناً.
خطة أميركية من ثلاث مراحل
الخطة الأميركية المطروحة تنص على نزع السلاح على ثلاث مراحل:
1. البدء بالمناطق شمال وجنوب نهر الليطاني،
2. ثم العاصمة بيروت،
3. وأخيرًا منطقة سهل البقاع.
لكن حتى الآن، لا يوجد التزام رسمي من الحكومة اللبنانية بمواعيد التنفيذ، في حين تؤكد واشنطن أن أي تأخير إضافي سيكون بمثابة تحدٍ واضح لجهودها.
تهديد بانصراف دولي وتغيير الأولويات
تقول مصادر البيت الأبيض إن صبر واشنطن بدأ ينفد، وإن التلكؤ اللبناني يهدد بتحويل الاهتمام الأميركي والخليجي نحو أولويات إقليمية أخرى. وصرّح الدبلوماسي الأميركي ديفيد شنكر أن الوضع اللبناني “محبط”، مشيرًا إلى أن على بيروت أن تتحرك سريعًا أو تُترك لمصيرها.
دعم الجيش اللبناني في دائرة الجدل
بموازاة ذلك، احتدم النقاش في الكونغرس الأميركي حول استمرار دعم الجيش اللبناني. النائبان من أصل لبناني، دارين لحود وداريل عيسى، دافعا بقوة عن استمرار الدعم، محذّرين من أن وقف التمويل سيصبّ مباشرة في مصلحة “حزب الله” ويُضعف قدرة الدولة على المواجهة.
نقطة التحوّل المرتقبة
زيارة براك المقبلة، بحسب مصادر قريبة من الإدارة الأميركية، ستكون “نقطة تحوّل” في العلاقة مع لبنان. وتشير غدار إلى أن الحزب لم يُنزع سلاحه فعلياً جنوب الليطاني كما تدّعي بعض الأوساط الرسمية، وتؤكد أن نزع السلاح يجب أن يشمل جميع الأراضي اللبنانية، لا مناطق محددة.
العقوبات تلوح في الأفق
في ظل هذا التباين العميق في المواقف، ترتفع أصوات في واشنطن تدعو إلى فرض عقوبات على شخصيات لبنانية تعرقل مسار نزع السلاح والإصلاحات، كخطوة ضغط موازية للمفاوضات.
في المحصّلة، تزداد مؤشرات التصعيد الدبلوماسي، وسط تساؤلات حول قدرة لبنان على تقديم التزامات حقيقية تواكب سرعة المتغيّرات الإقليمية، أو ما إذا كان سيبقى رهينة التوازنات الداخلية والعجز عن اتخاذ القرار.