خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
بعيداً عن جولات جلسات الحكومة المخصصة لبحث سلاح حزب الله؛ وبعيداً عن ورقة توم براك وردود لبنان عليها؛ فإنه يوجد على طاولة الإقليم مصير الإقليم ذاته؛ وما إذا كان فعلاً سيتعرض لتسونامي سياسي استراتيجي تاريخي يؤدي إلى تغيير الحدود فيه وإلى رسم خرائط جديدة بداخله؟؟
أول ما نحتاج الإجابة عليه هو السؤال المفتاح: هل فعلاً نحن نعيش اليوم داخل حدود خرائط قد لا تظل موجودة بشكلها الحالي خلال فترة الأعوام الخمسة المقبلة؟؟ أم أن هذه التصورات مجرد تهويل وانسياق أعمى وراء فكرة المؤامرة المرغوبة في العقلية الشرقية؟؟.
للإجابة عن هذا السؤال يجب التوقف بتمعن عند الوضع في سورية؛ لأن مفتاح التقسيم من عدمه موجود داخل التطورات السورية..
وضمن هذا السياق هناك مفترقان كبيران تقف أمامهما سورية في هذه اللحظة:
الأول هو أن تسود الفوضى فيها وتذهب بالتدريج إما لنموذج ليبيا؛ وإما لنموذج الاتحاد اليوغسلافي؛ وهو ما يعرف بنموذج البلقنة.
لماذا نموذج ليبيا؟؟
يتشابه الوضع الراهن السوري مع حالة ليبيا الراهنة وذلك في أمر أساسي، وهو أن ليبيا مثل سورية يوجد فيها حكومة واحدة ورئيس حكومة واحد ومصرف مركزي واحد؛ ولكن مع ذلك هناك تقطيع لأواصرها على أساس جهوي وقبلي وسياسي؛ الأمر الذي يهددها كما يهدد سورية بالتقسيم على المدى المتوسط.
أما لماذا الوضع في سورية يشبه حالة البلقنة التي ضربت أجزاء من أوروبا الشرقية بين عامي ١٩٩١ و١٩٩٥؛ فالأسباب عديدة وأهمها العوامل التالية:
الأول هو أنه في تلك الحقبة اختفى الاتحاد السوفياتي وبرز فراغ استراتيجي في البلقان، ما أدى لظهور صراعات عرقية داخل الدول التي كانت موحدة بفعل القوة السوفياتية.
اليوم في المشرق العربي اختفى فجأة النفوذ الإيراني ويجري صراع من أجل تعبئته من قبل إسرائيل وتركيا وروسيا ودول أخرى غير مرئية، الأمر الذي أثار فوضى وعدم استقرار في منطقتنا.
العامل الثاني يتمثل بأن موقع الإتحاد اليوغوسلافي داخل منطقة البلقان يشبه موقع سورية داخل منطقة المشرق العربي؛ وبمثلما أن التقسيم بدأ من يوغوسلافيا القديمة في البلقان فإنه انطلاقاً من سورية قد يبدأ تقسيم المشرق.
كل ما تقدم يجعل السؤال الملح الآن بخصوص كل ما نفعله هو التالي: هل ما نقوم به يخدم فكرة تحول بلادنا إلى النموذج الليبي أو نموذج البلقنة؟؟!. وكيف نعمل لمنع وقوع لبنان في فخ التشرذم والحفاظ على وحدة ترابه وشعبه؟؟.
