خاص الهديل….

بقلم: ناصر شرارة
فيما أوروبيون يقودون معركة إعادة إحياء حل الدولتين؛ فإن نتنياهو يقود حرب جديدة إسمها حرب إعادة احتلال غزة.
ويبدو ترامب أنه يترك الشرق الأوسط لنتنياهو بعد أن يأس من معادلة “وقف الحرب في غزة تساوي نيله جائزة نوبل”؛ وهو اليوم منشغل بثلاثة حروب: حربه من الفيدرالي الأميركي لخفض الفائدة وحربه مع دول جديدة لرفع التعريفات الجمركية عليها وحربه مع بوتين الذي يريد منه أن يخدمه في تفعيل معادلة وقف الحرب في أوكرانيا تساوي نيل ترامب جائزة نوبل..
بمقابل انشغال ترامب بحروبه الثلاث ينشغل نتنياهو بما يمكن تسميته بصداع غزة التي فجرت بوجهه ثلاث حروب أيضاً: حربه مع المؤسسة العسكرية التي تحذره عبثاً من مخاطر العودة لخطة احتلال غزة. حربه مع المعارضة الإسرائيلية التي تشمل معارضي احتلال غزة وأهالي الأسرى، الخ.. حربه مع الأوروبيين ونخب دولية متعاظمة بدأت تنقلب على تأييدها التاريخي لإسرائيل..
والواقع أنه في خضم حروب ترامب الثلاث الداخلية مع الفيدرالي والعالمية مع تعريفات الجمارك والخارجية مع بوتين؛ وفي خضم أيضاً “صداع” نتنياهو في غزة التي تفجر بوجهه ثلاث حروب مع العسكر الإسرائيلي ومع المجتمع الدولي ومع المعارضة الإسرائيلية؛ فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو أين موقع لبنان داخل القضايا التي تهتم بها حالياً إدارة ترامب؛ وأين موقع لبنان من بين الملفات التي يعطيها نتنياهو أولوية في هذه المرحلة؟؟
الإجابة عن هذين السؤالين تقودان إلى التالي:
في المعلومات يظهر أن زخم التحرك الأميركي تجاه لبنان مؤجل إلى أيلول المقبل، حيث سيتم تعيين سفير أميركي جديد للبنان.. وبانتظار وصول السفير الجديد ومباشرته أعماله؛ فإن لبنان سيكون خارج التغطية الأميركية الفعلية حتى نهاية هذا العام من دون أن يعني ذلك توقف البيت الأبيض عبر مبعوثة جديدة عن متابعة تطبيق لبنان لورقة توم براك الذي سيتم إيفاده بعد أيام للبنان ليكمل آخر مشاورات يجريها بخصوص ملف ال ١٧٠١ وآليات تنفيذه؛ لأن هذا الملف منذ أواسط الشهر المقبل سينتقل لعناية أورتاغوس مرة أخرى..
..وعليه يمكن القول أن الاهتمام الأميركي في لبنان سيتفاعل حتى نهاية هذا العام داخل ثلاثة عناوين تبدو في الظاهر ملتبسة: الأول خروج براك من المهمة؛ والثاني عودة أورتاغوس لهذه المهمة؛ والثالث تغيير السفير الأميركي في لبنان!!.
هذه الحيويات الأميركية الثلاث غير مفهومة؛ وتطرح سؤالاً من نوع هل ما تقوم به واشنطن من تبديلات هو خطة تهدف لتزخيم الحل الأميركي في لبنان أم هي تبديلات تخدم تشتيت الحل الأميركي بين سفير جديد قادم؛ ومبعوث حالي ذاهب؛ ومبعوثة قديمة جديدة عائدة؟.
أما بخصوص نتنياهو فيبدو أنه مستغرق في الصداع الغزاوي؛ وهو الصداع ذاته الذي أطاح سياسياً بشارون وقبله برابين. يدرك نتنياهو جيداً أن ملف غزة هو كمين لأحلام الزعماء الإسرائيليين؛ وعليه فإن نتنياهو محكوم بالقيام بواحد من أمرين أو بكلاهما: إما البدء باحتلال غزة وهذا يعني أن عليه تجميد كل الجبهات الأخرى، وإما الهروب من حرب غزة وتعويضها بضربات أمنية نوعية سواء في لبنان أو في سورية أو داخل فلسطين المحتلة.

