الهديل

خاص الهديل: ملفات السويداء وجنوب سورية في مفاوضات باريس: أربعة اتجاهات تتصادم!!

خاص الهديل….

بقلم: ناصر شرارة

التقى بدايات هذا الأسبوع في باريس كل من رون ديرمر وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني. وحضر اجتماعهما المبعوث الرئاسي الأميركي إلى سورية توم براك.. وبنفس الوقت تواجد في باريس للمشاركة بشكل غير مباشر بهذا اللقاء الشيخ موفق طريف الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل..

تعتبر لقاءات باريس هذه أبرز مخاولة لنصب طاولة حوار تضع عليها واشنطن عبر موفدها براك عدة ملفات متشابكة ولا يمكن حل واحد منها إلا من خلال حل الملفات الأخرى.

أبرز هذه الملفات: أولاً ملف المصالحة على تسوية ما بين دروز سورية والإدارة الجديدة في دمشق.

ويلاحظ هنا أن هذا الملف أصبحت إسرائيل متدخلة فيه بشكل رئيس؛ كون الجانب الأمني لملف محافظة السويداء أصبح مرتبطاً بتطبيقات نظرية الأمن الإسرائيلي الجديدة تجاه منطقة جنوب سورية؛ فإسرائيل تبحث عن حل أمني لمحافظة السويداء يلبي مفهومها الجديد لكل وجودها الأمني في كل منطقة جنوب سورية؛ بينما الجانب السياسي لأزمة محافظة السويداء أصبح يعبر عنه بالتفاوض عليه مع دمشق ومع واشنطن ومع تل أبيب، الشيخ موفق طريف زعيم طائفة الدروز في إسرائيل وليس الشيخ الهجري أحد زعماء الطائفة الدرزية في سورية، أو أحد شيوخ دروز سورية الآخرين الأساسيين.

واضح أن ملف محافظة السويداء بات حله يرغم دمشق على إجراء حل أمني له ضمن اتفاق على وضع جنوب سورية بشكل يتلاءم مع استراتيجية إسرائيل الجديدة لحدودها مع سورية. ومن جهة أخرى فإن حل التباين بين محافظة السويداء وإدارة الشرع يمكن الوصول إليه من خلال ضمانة يقدمها دروز إسرائيل لدروز سورية بالحماية؛ وهذا ما يفسر وجود الشيخ طريف كطرف درزي مشارك مع ديرمر وبراك والشيباني في التفاوض على مستقبل مصير جنوب سورية!!

الملف الثاني يتعلق بملف وحدة سورية.. ويبدو واضحاً هنا أنه كان هناك أربعة اتجاهات حول طاولة التفاوض بين الشيباني وبراك وديرمر وظريف في باريس: الأول يمثله الشيباني ويحاول إيجاد صفقة تساعد فيها إسرائيل بضغط من واشنطن على عدم ذهاب السويداء لخيار الاستقلال الكامل. وتراهن دمشق أنه في حال نجح الضغط الأميركي على إسرائيل كي تسير بخط إعادة السويداء إلى حصن دمشق فهذا الأمر سيخلق دينامية تساعد على استغلال دالة طريف على دروز سورية لإقناعهم بالذهاب إلى تسوية مع إدارة الشرع والتصالح مع الدولة السورية الجديدة.

الاتجاه الثاني يمثله الشيخ طريف الذي لا يفضل انفصال السويداء التام عن سورية ولكن نوعاً من الحكم الذاتي. ويقدم نفسه الشيخ طريف في هذه المرحلة الجديدة كمرجعية سياسية ودينية لدروز المشرق العربي؛ ما يطرح سؤال عما إذا كان ملف أحداث السويداء ومسار التصعيد أو الحل بخصوصه سينتج عنه طرح ملف حساس؛ وهو مستقبل تركيبة الزعامة السياسية والدينية الدرزية الجديدة.

الاتجاه الثالث يمثله توم براك الذي يمثل وجهة نظر إدارة ترامب بخصوص سورية؛ وحسب المعلن حتى الآن فإن ترامب يريد سلطة مركزية قوية في دمشق تنفذ الأولويات الأميركية التالية: دفع خطر داعش. منع عودة إيران وحزب الله إلى سورية؛ انخراط متدرج لدمشق في عملية الصلح الإبراهيمي مع إسرائيل.

الاتجاه الرابع تمثله إسرائيل وهو يريد إبقاء إدارة الشرع تحت الاختبار لفترة مقبلة ليست قصيرة؛ وفي هذه الأثناء تفاوض تل أبيب إدارة الشرع في عدة ملفات أبرزها ملف جنوب سورية وتوجه إسرائيل لأن تكون هذه المنطقة ليست فقط “مجردة من السلاح المعادي لها”، بل من أي سلاح بغض النظر عن هويته.. وتفاوض إسرائيل بحضور واشنطن على ترتيبات أمنية في جنوب سورية تؤدي إلى حصولها على “امتيازات” أمنية وليس على “ضمانات” أمنية؛ وعلى ما يمكن تسميته تجاوزاً “امتيازات” لدروز السويداء تحول دون ١) تحمل إسرائيل للمسؤولية عن حياة سكانها؛ و٢) دون إثارة غضب دروز إسرائيل نتيحة حصول اضطهاد ما لاخواتهم في السويداء.

هل تلتقي هذه الاتجاهات الأربعة عند نقطة تسوية ما؟؟. هذا السؤال لا يزال معلقاً على صليب مستقبل مصير جنوب سورية الغامض!؟؟.

Exit mobile version