ألقى العلامة السيد علي فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المصلين. وتناول في خطبته السياسية تطورات الوضع اللبناني والاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب، إضافة إلى الموقف من القرار الحكومي الأخير بشأن سلاح المقاومة، والوضع في فلسطين المحتلة.
وقال فضل الله إن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على القرى الحدودية تهدف إلى تفريغها من سكانها ومنع عودتهم وإعمار منازلهم، مشيراً إلى أن هذه الهجمات لم تتوقف، بل تصاعدت عبر الغارات والاغتيالات واستخدام الصواريخ للمرة الأولى منذ اتفاق وقف إطلاق النار، ما يُحمّل الدولة اللبنانية مسؤولية الدفاع عن مواطنيها، سواء عبر المسار الدبلوماسي أو اتخاذ مواقف أكثر حزماً في المحافل الدولية.
وتوقف عند القرار الحكومي الأخير بشأن سحب أي سلاح خارج إطار الدولة، بما يشمل سلاح المقاومة، مشيراً إلى أن القرار أدى إلى انقسام داخلي يُخشى من تداعياته، خاصة في ظل غياب أي ضمانات دولية حقيقية تضمن التزام العدو الإسرائيلي بوقف اعتداءاته أو الانسحاب من الأراضي المحتلة، أو إطلاق الأسرى اللبنانيين من سجونه.
وأوضح أن زيارة المبعوث الأميركي إلى لبنان جاءت لتثبيت هذا القرار وجمع التوافق حوله، لكنها لم تحمل أية التزامات حقيقية من الجانب الأميركي، مما يطرح علامات استفهام حول نوايا واشنطن ومصداقيتها. وأضاف: “لا يجوز للبنان أن يتنازل عن عناصر قوته، ولا أن يُعامل كبلد مهزوم يُملى عليه ما يجب أن يفعله، فيما العدو لا يزال يمعن في عدوانه دون حسيب أو رقيب”.
وأكد السيد فضل الله أن لبنان يمتلك من عناصر القوة ما يؤهله لصون سيادته وقراره الحر، شرط أن يُحسن الاستفادة منها ويتوحّد حولها، محذراً من مخاطر المرحلة الحالية التي تشهد إعادة رسم خرائط المنطقة، حيث بات مشروع “إسرائيل الكبرى” يُنفذ عملياً، ولبنان جزء من هذا المخطط.
ودعا إلى التمسك بسلاح الموقف الموحّد الرافض للتنازلات والمتمسك بالسيادة والكرامة الوطنية، وعدم الانخداع بالوعود المعسولة التي أثبتت التجارب السابقة أنها بلا قيمة، مؤكداً على ضرورة توحيد الصفوف في مواجهة العدو، بدلاً من التناحر الداخلي الذي يُضعف لبنان ويفقده قدرته على الصمود.
وتساءل السيد فضل الله بأسف عن الأصوات السياسية والدينية التي تُصرّ على مهاجمة فئات من اللبنانيين في وقت يخوض فيه البلد معركة وجودية ضد الاحتلال، في حين كان الأجدى أن تُوجّه الإدانات للعدو الذي يتحمل مسؤولية كل ما يعانيه لبنان، بكل طوائفه ومذاهبه.
وختم بالدعوة إلى الحوار والتلاقي بين كل مكونات الوطن، “فلا يمكن بناء لبنان بإقصاء أي طرف كان له دور في الدفاع عن الوطن وبنائه”، متوقفاً عند ما يجري في غزة والضفة الغربية، حيث يواصل العدو الإسرائيلي تنفيذ مخططاته في ظل صمت عالمي، وربما تواطؤ دول كبرى.
كما حيّا الشعب الفلسطيني على صموده وثباته، مثمّناً وقوف الشعب اليمني إلى جانبه رغم التضحيات. واعتبر أن العالم يشهد مجدداً مؤشرات نكبة جديدة، قد تكون أكثر قسوة من نكبة عام 1948، في ظل غياب التضامن العربي والإسلامي الفعّال.
