خاص الهديل…
مرة جديدة، يقدّم الجيش اللبناني شهداء على مذبح الوطن، ويؤكد بالدم أنه لا يتراجع ولا يساوم حين يتعلق الأمر بأمن البلاد وسلامة شعبه.
زُفّ اليوم اثنان من خيرة أبطال الجيش اللبناني، ارتقيا إلى علياء المجد في رأس الناقورة، إثر انفجار طائرة مسيّرة إسرائيلية غادرة في رأس الناقورة. ضابط وجندي بحجم الوطن، لم يترددا في الاقتراب من الخطر، لم يأبها سوى لنداء الواجب، ولشرف الميدان. حادث مأساوي، لكنه ليس جديداً على جيش اعتاد أن يكون في الخطوط الأمامية، يدفع الثمن غالياً كي لا يدفعه الوطن.
إننا أمام تضحية لا تُقاس بالكلمات، بل بالفعل الذي سبق القول. ضباط وجنود يعملون بصمت، في ظروف دقيقة وحساسة، لا يطلبون شيئاً سوى أن يبقى لبنان آمنآً.
ولعل مشاركة قائد الجيش العماد رودولف هيكل في تشييع الشهداء، ووقوفه إلى جانب أهاليهم والوطن في هذا المصاب الجلل، إنما تدل على قائد يرى نفسه أباً لإخوته العسكريين قبل أن يكون قائداً لهم. فهو إنسان يشارك آلامهم، ويجسد قيم التضامن والوحدة بين الجيش والشعب، ليؤكد أن دماء الشهداء ليست مسؤولية عائلاتهم فقط، بل أمانة في عنق الوطن بأسره.
الرحمة للشهداء الأبرار، والشفاء العاجل للجرحى. ونعاهدهم أن ذكراهم لن تُنسى، وأن تضحيتهم ستظل شاهدة على أن هذا الجيش، بكل ما يواجهه، لا يزال ثابتاً في موقع الدفاع عن الأرض والسيادة.

