خاص الهديل….

رغم مرور ما يقارب 6 أشهر على اتفاق العاشر من آذار الموقع بين الحكومة السورية برئاسة الرئيس السوري أحمد الشرع و قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، إلا أن الاتفاق بقي حبراً على ورق من دون أي ترجمة ميدانية أو سياسية؛ ربما التعثر لا يرتبط فقط بالخلافات المباشرة بين الطرفين، بل يتداخل فيه العامل الأميركي والدور التركي، إلى جانب حسابات إقليمية ودولية تجعل المسار أكثر تعقيداً وتأجيلاً.
المسار يبدو معقداً لأسباب عدّة، أبرزها أن واشنطن، التي تُعتبر الراعي الأبرز لقوات “قسد”، لم تمارس ضغطاً حاسماً للدفع نحو اتفاق اندماج مع الدولة السورية، وعليه فإن هذا التردد الأمريكي يرتبط بتشابك الملف مع عوامل إقليمية ودولية، بدءاً من النفوذ التركي المباشر، وصولاً إلى التدخلات في مناطق مثل السويداء، ما يجعل التسوية النهائية أكثر صعوبة.
في المقابل، بحسب محللين تحاول “قسد” كسب الوقت عبر إطالة أمد المفاوضات، بهدف فرض رؤيتها الخاصة حول مستقبل العلاقة مع دمشق؛ غير أن تركيا بدأت تُلو ح بخيارات بديلة قد تتخذ طابعاً عسكرياً إذا استمر الجمود، وهذا ما يضع جميع الأطراف أمام اختبار جدّي.
وعليه تبقى التسوية السياسية الخيار الأمثل لمعظم القوى، باستثناء إسرائيل التي يبدو أنها تفضل بقاء الملف مجمداً كأداة لتغذية الصراع الداخلي في سوريا، من خلال إبقاء خطوط التوتر مفتوحة بين الدولة وما يُسمى بالأقليات.
بالتوازي، يستمر التراشق الإعلامي بين “قسد” وأنقرة في العلن، فيما لا تنقطع قنوات التواصل في السر، سواء عبر دمشق أو من خلال وساطات أمريكية. تركيا بدورها تسعى إلى ضمان أمنها القومي وتجريد الأكراد من السلاح، بينما تطرح الولايات المتحدة نفسها كوسيط يوازن بين الضغوط على دمشق من جهة، وعلى “قسد” من جهة أخرى.
هذا التداخل بين المصالح يضع المفاوضات أمام طريق طويل ومعقد، يحتاج إلى وقت وهدوء وربما صيغ مرنة تقوم على إدارات سياسية محلية مقابل إنهاء الطابع العسكري للنزاع. ومع غياب مؤشرات جدّية على اختراق قريب، يبدو أن هذا الملف سيظل عالقاً في دوامة الحسابات الإقليمية والدولية إلى أجل غير مسمّى.

