وقعت نقابة المعلمين في لبنان ونقابة تكنولوجيا التربية (EdTech Syndicate) مذكرة تفاهم تهدف إلى إطلاق تعاون طويل الأمد يعيد وضع المعلم في قلب العملية التعليمية، ويُوظف التكنولوجيا كركيزة أساسية لتحديث النظام التربوي في البلاد. هذه الخطوة تعكس وعياً عميقاً بضرورة إعادة بناء التعليم كمدخل أساسي للنهوض الوطني وتعزيز مبدأ حق التربية على الابتكار للجميع، انطلاقاً من العدالة الرقمية وحق الوصول للمعلومات للمعلمين، بالإضافة إلى تعزيز مهارات المعلمين التكنولوجية الرقمية.
يشكل هذا الاتفاق نقطة انطلاق نحو رؤية جديدة للتعليم في لبنان تقوم على الدمج الفعلي بين الخبرة التربوية والابتكار التكنولوجي. وتُمهّد هذه المذكرة لتحول نوعي في كيفية تعلّم الأجيال القادمة وكيفية أداء المعلمين لدورهم في مجتمع يتغير بوتيرة متسارعة.
تم توقيع المذكرة خلال حفل رسمي في مقر نقابة المعلمين، بحضور نقيب المعلمين الأستاذ نعمة محفوظ، الاستاذ باتريك رزق الله مسؤول الإعلام، الاستاذ إبراهيم يونس عضو المجلس التنفيذي، نقيب تكنولوجيا التربية الأستاذ ربيع بعلبكي، ونائب الرئيس الأستاذ إيلي صعب.
وتهدف المذكرة إلى تطوير شراكة متكاملة تشمل تدريب المعلمين على أدوات وتقنيات التعليم الرقمي، تعزيز التفكير الإبداعي والنقدي في الصفوف، وتهيئة البنية التحتية الرقمية للمدارس. كما تسعى إلى إطلاق برامج مشتركة تضع الابتكار في صلب العمل التربوي، وتوفّر محتوى تعليمياً رقمياً عالي الجودة يراعي احتياجات مختلف الفئات.
وفي كلمته خلال حفل التوقيع، أكّد النقيب نعمة محفوظ أن هذه الاتفاقية “تأتي في توقيت بالغ الأهمية، حيث يمر لبنان بتحديات تربوية حادة تفرض علينا الخروج من النماذج التقليدية والانتقال إلى فضاء أوسع من الشراكة والانفتاح على التكنولوجيا.” وأضاف أن “المعلم في لبنان، رغم كل الظروف، لا يزال حجر الأساس، لكن لا بد من تمكينه وتحديث أدواته ليستعيد دوره الريادي.”
من جانبه، شدّد النقيب ربيع بعلبكي على أن “هذه الشراكة ليست فقط للرقمنة، بل هي لتأسيس ثقافة الابتكار في التعليم، حيث لا يقتصر دور التكنولوجيا على تسهيل الوصول إلى المعلومة، بل يتعداه ليصبح أداة لتحفيز التفكير الإبداعي، وتحويل الصفوف إلى مساحات تفاعلية نابضة بالحياة.” وأضاف: “إن التعاون مع نقابة المعلمين ليس خياراً ظرفياً، بل هو من أساس النظام الأساسي لنقابة تكنولوجيا التربية، وقد نصّ البند الثاني بوضوح على أهمية التعاون البنّاء مع النقابات التربوية، وعلى رأسها نقابة المعلمين، كجزء من رؤية شاملة تهدف إلى تطوير بيئة التعليم في لبنان. نحن نؤمن أن بناء شراكات استراتيجية هو السبيل لتجديد النظام التربوي، وإحداث تغيير فعلي ومستدام.”
وأكد بعلبكي أن “الابتكار هو جوهر أي تحوّل تربوي ناجح، وهو ما نطمح إلى ترسيخه من خلال هذه الاتفاقية، لتكون التكنولوجيا عاملاً محرّكاً للتغيير، لا مجرد وسيط.”
المذكرة لا تتوقف عند التنسيق المؤسسي، بل تُعلن بداية شراكة فكرية ومجتمعية تسعى إلى بلورة نموذج تربوي لبناني حديث، يعيد الثقة بالمؤسسات التعليمية ويمنح الطلاب والمعلمين معاً القدرة على التفاعل مع واقع عالمي متغير.
ومن خلال هذه الخطوة، تُثبت النقابتان أن النهوض بلبنان يبدأ من المدرسة، وأن إعادة بناء الدولة تمر عبر استثمار جاد ومستدام في العنصر البشري، الذي لا يمكن أن ينمو دون تعليم متطور، شامل، وعادل. ومع توقيع هذه المذكرة، يُفتح الباب أمام مبادرات وطنية واسعة تُعيد ربط التعليم اللبناني بركب التطور العالمي، وتُعيد الأمل بجيل قادر على التغيير، وعلى صياغة مستقبلٍ أفضل لبلدٍ يستحق الأفضل.

