خاص الهديل…

كتب بسام عفيفي
داخل نادي رؤوساء الحكومة في لبنان يوجد مرشحين لا تنتهي مدة فرصهم.. رشيد أفندي كرامي كان واحداً من هؤلاء؛ وصائب بك سلام كان يحرص على البقاء قريباً من هاتف منزله لأنه في أية لحظة قد يتصل به قصر رئاسة الجمهورية ليعرض عليه ترؤس تشكيل حكومة.. ويمكن اليوم إضافة إسم الرئيس نجيب ميقاتي إلى لائحة هؤلاء المرشحين الدائمين لتولي منصب رئاسة الحكومة.
.. وإذا كان السبب الذي جعل رشيد كرامي مرشحاً دائماً لرئاسة الحكومة؛ هو أنه الرجل المناسب لمواجهة كل الأزمات؛ وإذا كان صائب بك امتاز بأنه رجل بيروت لدى العرب ورجل العرب لدى بيروت؛ فإن ما يجعل نجيب ميقاتي مرشحاً دائماً لرئاسة الحكومة هو أنه حاجة للبلد حينما يصعب على معظم من في البلد تلمس إمكانية السير بأمان ودراية بين النقاط المحلية والدولية والإقليمية الصعبة.
.. أبعد من كل ذلك؛ فإن نجيب ميقاتي سياسي خاض بنجاح وأناة معارك تخفيف حدة نتائج المعارك الداخلية والخارجية على البلد؛ فهو نأى بلبنان قدر المستطاع عن الحرب السورية التي اندلعت عام ٢٠١١؛ وهو استعار من صائب بك معادلة “لا غالب ولا مغلوب” بعد أن أضاف عليها نكهة ميقاتية.. ونجيب ميقاتي لا يشبه الكثير من رؤوساء الحكومات في حين أن الكثير منهم يتشبهون به لإثبات حضورهم..
وربما يمكن القول أيضاً بشيء ليس قليل من الثقة، إن من أبرز ميزات ميقاتي هو القدرة على الاحتواء وأخذ المصاعب إلى دائرة مغلقة لضمان حصر أضرارها خلال رحلة البحث عن حلول لها.. وحينما كان الرئيس ميشال عون بمثابة صداع لا يطاق لروؤساء الحكومات المتتالين؛ نجح دولة الرئيس نجيب ميقاتي باحتوائه وجعله وحيداً مع صهره داخل علبة لعبة معاكسة الرئيس السني الثالث؛ وبنهاية المطاف خرج الرئيس القوي من قصر بعبدا ضعيفاً، وانتهى بريق الصهر؛ وظل نجيب ميقاتي دولة رئيس ليس تصريف الأعمال بل رئيس منع الشلل؛ وأخذ لبنان من مرحلة خطر السقوط إلى مرحلة إعادة الأمل..
الجميع يعرف أن الرئيس ميقاتي كان المرشح الوحيد ليكون أول رئيس حكومة في العهد الرئاسي الجديد؛ والجميع يعرف أن الجميع كان يريد ذلك؛ والجميع يعرف أن ما حصل هو تسونامي هب على البلد في آخر لحظة؛ وكان ما كان!!.
إن الفكرة هنا ليس الاعتراض على ما حصل؛ فالديموقراطية مثل المطر الاستوائي الذي قد يهطل في عز سطوع الشمس؛ بل المقصود هنا القول أنه حتى في عز حصول هبات التسونامي فإن نجيب ميقاتي يكون مرشحاً لرئاسة الحكومة حتى لو لم يصل للسراي الكبير.
كان صائب سلام يقول أن عمر الحكومات صغير كعمر الزهور، ولكن تجربة نجيب ميقاتي تقول أن عمر الحكومات طويل بقدر حاجة البلد لميزات رئيسها..

