خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
يحتار المراقب كيف يقرأ اليوم جلسة مجلس الوزراء المسماة بأنها جلسة تاريخية. لم يعد هناك وقت للتكهن بخصوص نتائجها؛ فنحن في لحظة النتائج؛ ولكن الأكيد أن جلسة الحكومة اليوم لم تؤد إلى نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة؛ ذلك أن لبنان يعوم اليوم في قلب محيط إقليمي هائج، ويتخبط في عمق سبع بحار عالمية متلاطمة.
وما تقدم يريد قول شيء بسيط ولكنه جوهري وهام، وهو أن اللحظة الراهنة أكبر من قدرة لبنان على تحمل تبعاتها؛ فلبنان من جهة إذا مضى بتحدي حزب الله وإيران وحلفائهما، فهو حينها سيواجه تبعات خطرة بلا شك؛ واذا قرر إدارة الظهر لمطالب المجتمع الدولي وإسرائيل بتطبيق مبدأ حصرية السلاح وليس فقط إعلانه؛ فهو بلا شك أيضاً سيواجه تبعات خطرة، والبعض يصفها بأنها تبعات كارثية.
السؤال الحكيم اليوم هو كيف يتجنب البلد الخطر الداخلي والكارثة الخارجية في نفس اللحظة وذات الوقت؟؟!
اللبنانيون منقسمون على أنفسهم حيال الإجابة عن هذا السؤال الذي يصفه البعض بأنه سؤال حكيم، ويراه البعض الآخر بأنه سؤال أخرق كون البلد يجب عليه أن يذهب لمواجهة حقيقة تطبيق مبدأ حصرية السلاح بشحاعة ومن دون تردد!!
القسم الأول – إذا جاز التعبير – من اللبنانيين يقول أنه ليس هذا وقت طرح ملف سلاح المقاومة؛ ويطرحون عشرات الأسباب التي تبرر وجهة نظرهم بسحب نظرتهم.. يقولون مثلاً: لا يمكن سحب سلاح المقاومة طالما أن إسرائيل لم تسحب احتلالها؛ ويقولون همساً ولكن على نحو يمكن سماعه، أنه لا توجد حكمة ولا توازن بأن تتم عملية بدء حصرية السلاح بخطوة سحب سلاح حزب الله؛ فيما السلاح الفلسطيني لا يزال قائماً؛ والسلاح الإسلامي السلفي مستنفراً في كل المنطقة؛ ثم ماذا عن السلاح الإسرائيلي على التلال الخمس!؟؟.
أما منطق القسم الثاني من اللبنانيين – إن جاز التعبير- فيقول أن الخطوة الأولى لاستعادة الدولة تكون بتطبيق حصرية السلاح؛ فلا يوجد دولة بجيشين؛ ويقول أن لبنان لم يعد يستطيع التسويف أو الهروب من ضغط المجتمع الدولي بخصوص سحب السلاح.
والواقع أن المشكلة لا تقع في تشخيص المشكلة؛ فالجميع يعرف عن ظهر قلب ما هي المشكلة؛ ولكن البلد لم يقترب بعد من إدراك الحل. والمقصود هنا ليس أي حل؛ أو حل بأي ثمن؛ بل الحل الذي يضمن الوصول إلى الاستقرار وليس إلى الصدام.
جلسة اليوم الحكومية ليست نهاية الطريق؛ ولكنها تمثل الطريق الجديد الذي لديه اتجاه واحد إلى الأمام وليس اتجاهين أحدهما إلى الأمام والثاني إلى الوراء. إنه اوتستراد باتجاه واحد وليس باتجاهين.
