الهديل

خاص الهديل: أحزاب الطوائف تنتقل من “حصرية السلاح” ل”حصر أصوات الناخبين”

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة   

رحم الله صائب بك سلام صاحب مقولة “لا غالب ولا مغلوب”. فلبنان يستعير اليوم منه مقولته ليتم الاستعانة بها حتى تغطي عملية نزول كل أطراف الواقع السياسي اللبناني عن الشجرة..

وبات اليوم يسهل على جميع الأحزاب أن تقول لقواعدها الانتخابية أنها خرجت من حلبة مجلس الوزراء وهي ينطبق عليها القسم الثاني من مقولة صائب بك: “لا مغلوب”؛ ويلاحظ هنا أن جميع هذه الأحزاب تتقصد أن تدير ظهرها للنصف الأول من مقولته: “لا غالب”..

ربما كان اشتراك الخصوم اللبنانيين على التمسك بمقولة صائب بك، تفسر أن القطار السياسي اللبناني اقترب من التوقف عند محطة الانتخابات النيابية؛ وهذا الأمر – أغلب الظن – هو الذي جعل الجميع يتبنى نصف المقولة السلامية القائلة أنه ليس مغلوباً وأن خصمه ليس غالباً. 

ويخطر أحياناً للظن أن يكون “رجل القرنفلة البيضاء” (صائب بك) خطر له مع التجربة أن يجري تعديلاً على مقولته؛ وذلك على نحو يجعلها لا تناسب الواقع السياسي اللبناني بقدر ما تناسب ذهنية أحزاب وزعماء هذا الواقع السياسي؛ فتصبح مقولته “الكل غالب والكل لا مغلوب”!!.

انتهت جولات نقاش حصرية السلاح في مجلس الوزراء عند الكثير من النتائج؛ ولكن واحدة من هذه النتائج تمثلت بانتقال أحزاب لبنان من الاستمرار بالبحث عن سبل تطبيق “حصرية السلاح” إلى البحث عن طرق لحصر أصوات الناخبين بهم. ففي لبنان كما في إسرائيل لحد ما؛ فإن كل السياسة انتخابات؛ وكل الحروب انتخابات؛ وحينما يقترب موعد فتح صناديق الاقتراع تفتح باب جهنم – حسب تعبير وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس – ولكن ليس على غزة؛ بل هذه المرة على لبنان. فأحزاب لبنان ستنتقل خلال الفترة المنظورة المقبلة من ميدان حصرية السلاح إلى ميدان معركة حصر الأصوات في صناديق اقتراعها؛ وهي في هذه المعركة ستكون أكثر شراسة في الدفاع عن رصيدها البرلماني، وفي توسل كل ما يجعل خارطة مناصريها تتسع أكثر. وعليه يتوقع أن يسود صمت سياسي بخصوص حصرية السلاح ليحل مكانه صخب انتخابي يتكلم عن كل شيء وفق منطق الكل غالب والكل لا مغلوب.. 

هناك مجموعة أسئلة تطرح نفسها على الواقع السياسي اللبناني “المنتصر” أو “غير المغلوب”؛ وأبرزها: 

هل ستكون انتخابات ٢٠٢٦ مناسبة لإحداث تغيير ما؛ مهما كان بسيطاً، بحيث يخرج برلمان جديد لديه قدرة على التغيير بالديموقراطية طالما أنه لا يمكن إحداث أي تغيير بالتوافقية.  

بعد ثورة ٢٠١٩ راهن العالم – وليس فقط لبنانيون – على أن تغييراً لا محالة سيحدث داخل صناديق الاقتراع.

.. وجزم قائلون حينها أنه لا يعقل أن تحدث ثورة ولا يستتبعها تغيير على شكل الحكم وعلى بنية متخذي القرار. ولكن نتائج الانتخابات آنذاك شكلت أكبر دليل على أن لبنان يعيش بالحرف تطبيقات المقولة القائلة بأنه “ليس بالإمكان أبدع مما كان”.

السؤال أنه إذا كانت الانتخابات في لبنان لا تغير شيئاً سواء عقدت في أجواء ثورة أو بعد حرب؛ فلماذا الانتخابات(؟؟)، ولماذا الاستمرار بانتظار ما لا ينتظر ولا يأتي(؟!!).

طبعاً هذا السؤال لا يدعو إلى التوقف عن الديموقراطية الانتخابية، ولكنه يدعو بالتأكيد لتغيير نظام الانتخاب بحيث يصبح قادراً على جعل الانتخابات تؤدي إلى تغيير يعكس الواقع كما تغير قبيل حدوثها. 

كان هناك ظن واسع بأن انتخابات ٢٠٢٦ ستجري على أساس قانون انتخابي جديد مفصل على قياس طموحات إحداث تغيير في البلد وليس على أساس قياسات تخليد مصالح أحزاب الطوائف؛ ولكن نتيجة النقاش حول إحداث تغيير في قانون الانتخاب انتهى كالعادة للنتيجة الذهبية ذاتها المعروفة: لا غالب ولا مغلوب.. أي لا تغيير وليس بالإمكان أبدع مما كان!!.

Exit mobile version