خاص الهديل….
كتب بسام عفيفي
يشكل الاعتداء الإسرائيلي على قطر مرحلة جديدة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي؛ إذ أن هذا الاعتداء يؤسس لجملة اعتبارات لا بد أن تشكل ثوابتاً استراتيجية في العمل العربي والإسلامي خلال المرحلة المقبلة. ولعل أهم هذه الثوابت هي التالية:
أولاً- الاعتداء مضاف إليه جملة سلوك حكومة أقصى اليمين الإسرائيلي المتواصل، يثبت أن المسار العربي الذي حاول تغليب خيار السلم على الصراع بموضوع القضية الفلسطينية؛ يواجه تحد استراتيجي مرده أن الواقع الداخلي الإسرائيلي يتجه للتطرف المتعاظم، ومرده أيضاً أن إدارة ترامب تتواطأ مع هذا التوجه الموجود داخل إسرائيل بدل أن تقمعه وترشده..
ما تقدم لا يعني أن يدير العرب ظهرهم للخيار السلمي، ولكن المطلوب أن يتم تسليح هذا الخيار بترسانة وحدة القرار العربي تجاه الرد على التحدي المشيحاني الصهيوني اللاعقلاني، وبمواجهة عدم إظهار إدارة ترامب جدية في دعم خيار السلام العربي، بدليل أن هذه الإدارة تقوم بدعم خيارات نتنياهو العدوانية والمتغولة.
ثانياً- الاعتداء على قطر هو اعتداء على خيار استراتيجي حضاري أممي وليس فقط عربي، تمثله الدوحة، وهو خيار يتصل بدورها الرائد في حل أزمات المنطقة والعالم المتصفة بأنها الأكثر تعقيداً، وذلك من خلال نجاحها المرة بعد المرة بإنشاء مسارات تفاوض سلمي وضعت حداً لأكثر الصراعات العالمية والإقليمية دموية؛ وبدل ذلك فتحت قطر بخصوصها آفاقاً للتفاوص السلمي..
والحق يقال أن إسرائيل المنقادة من حكومة الحرب المستمرة ومن رئيس حكومة يمارس الإبادة لقتل قضية محقة، تجد نفسها محرجة من نموذج قطر؛ وهي تريد إنهاءه بأي شكل من الأشكال؛ وعليه فإن دفاع العرب والأحرار في العالم عن نموذج قطر هو انتصار للسلم العالمي من جهة؛ ومحاصرة لنموذج القتل والإبادة الإسرائيلي من جهة ثانية.
.. وهذه الجزئية تظهر بوضوح أن الهجوم الإسرائيلي السافر على قطر هو هجوم هدفه الأساس استهداف مكانة قطر كنموذج لحل الصراعات سلمياً؛ وهو محاولة من نتنياهو لأن يلغي دور قطر كوسيط سلمي نزيه وموثوق في العالم؛ لأن هذا الدور يحرج نتنياهو الذي يعمل لجعل المنطقة تعيش مفاهيم شريعة الغاب بحيث يكون هو الوحش الطليق داخل هذه الغابة.
ثالثاً- إن قطر بالتأكيد تملك مقومات الدفاع عن نفسها؛ فهي لديها في العالم كنزاً من ثروة السمعة الحضارية؛ والدور الدبلوماسي الرائد؛ ولديها أيضاً جبهات إعلامية تمرست في معارك الدفاع عن القضايا المحقة عبر العالم؛ ويبقى أن يعتبر العرب قضية نصرة قطر هي قضية نصرة العرب لمكانتهم بعدما ظهر أن تل أبيب تدير ظهرها لليد العرب السلمية؛ وبعدما ظهر أن رغبة العرب بشراكة سلم في الشرق الأوسط لا تلقى من إدارة ترامب كل المساندة المطلوبة..
يجب أن يذهب العرب لحوار استراتيجي فيما بينهم.. ويجب على وجه السرعة إحياء العمل العربي والإسلامي المشترك الجدي.. ويجب أن يقول العرب بصوت مسموع أنهم قوة فاعلة في اقتصاد العالم وأنهم قوة رائدة داخل الحضارة العالمية..
.. حان الوقت.. والعرب قادرون متى عقدوا العزم.


