الهديل

خاص الهديل: أزمة نتنياهو في الشرق الأوسط هل تكرر تجربة أوروبا مع هتلر؟؟ 

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة

داخل حرب طوفان الأقصى التي تحولت إلى حروب إقليمية – وهناك خشية من تحولها لحروب عالمية – توجد مسألة غاية في الخطورة والأهمية على حد سواء؛ وهي شخصية بنيامين نتنياهو الذي يؤدي في الشرق الأوسط في القرن الحالي دوراً يشبه دور هتلر في أوروبا في النصف الأول من القرن الماضي.

لقد قاد هتلر أوروبا إلى حربين عالميتين كانت هي ميدانها الأساسي، وضحيتها الأولى؛ كما قاد ألمانيا في نهاية مسار هيمنتها على أوروبا إلى هزيمة نكراء..

 

واليوم حينما يجتمع العرب وقادة المنطقة لمناقشة عدوانية نتنياهو التي تجاوزت كل الحدود، فإن الكثير منهم بلا شك يتذكرون قصة أوروبا مع هتلر؛ ويتذكرون على وجه التحديد أهم عبرة مستخلصة من تجربة القارة العجوز مع هتلر؛ ومؤداها أن سياسة استرضاء هتلر حينها لم تؤد إلى لجم تغوله بل أدت إلى زيادة عدوانيته؛ كما أن تأجيل الصدام معه بغية تحاشي الحرب قادت إلى حربين عالميتين وليس إلى حرب واحدة..

 

لا شك أن قمة الدوحة طيرت رسالة واضحة – بغض النظر عما إذا كانت كافية – مفادها أن المنطقة على مختلف طرق تفكيرها وهوياتها السياسية أصبحت مقتنعة بأن سلوك إسرائيل، أو بشكل أدق “سلوك نتنياهو الإسرائيلي”، لم يعد مقبولاً، وهو سلوك يكرر حالياً في الشرق الأوسط، تجربة هتلر في أوروبا خلال القرن الماضي. 

 

ويوجد أمام المنطقة خيارات ليست كثيرة بمواجهة ما يمكن تسميته إصطلاحاً بأزمة نتنياهو في الشرق الأوسط؛ أبرزها التوحد بهدف صياغة إرادة سياسية إقليمية جامعة تسمح بفتح حوار جديد مع البيت الأبيض انطلاقاً من نقطتين إثنتين: الأولى الإقرار بأن المنطقة لا تحتاج إلى تطبيقات مقولة “السلام القوي”، وإلى تفسير نتنياهو لها؛ بل تحتاج إلى “سلام عادل” ينهي مشاريع الإبادة وسحق الهويات. والنقطة الثانية تتمثل بالتأسيس لمرحلة جديدة يكون فيها للولايات المتحدة الأميركية سياسة أميركية في الشرق الأوسط وليس سياسة إسرائيلية في الشرق الأوسط.

 

صحيح أن مقومات المنطقة بوجه التحالف المطلق بين واشنطن وتل أبيب تعاني من عدم تكافؤ؛ والسبب في ذلك ليس قلة إمكانيات دول المنطقة، بل قوة الدعم المطلق الأميركي لإسرائيل في المنطقة. وهذا خلل لم يعد من الممكن التعايش معه، لأن إسرائيل بدأت تستعمله ليس فقط لحماية احتلالها، بل أيضاً لتوسعة نطاق احتلالها ولفرض خارطة توزع قوى على المنطقة مقسمة لواقعين إثنين: واقع محتل من إسرائيل وواقع مهيمن عليه من إسرائيل..

 

إن قمة الدوحة أطلقت ضمناً صرخة الوجع العربي من مدى إدارة ظهر واشنطن للموقف العربي والإسلامي بخصوص موضوع التغول الإسرائيلي المحمي اميركياً، وليس فقط المدعوم أميركياً.. وفي حال لم تفهم أميركا الرسالة، فإن المنطقة مقبلة على تكرار تجربة أوروبا مع فرص منع الحرب كما حدث في النصف الأول من القرن الماضي!!

Exit mobile version