خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة
من يصدق لبنان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أم الموفد الأميركي إلى لبنان توم براك؟؟. ففي خلال ساعات قال الرجلان المسؤولان مواقف بخصوص لبنان متناقضة بالكامل؛ ففي حين أن براك هاجم حكومة سلام، ومنح إسرائيل تفويضاً بشن حرب على لبنان الذي لا يعمل رئيسه ولا تعمل حكومته شيئاً لتنفيذ “حصرية السلاح”؛ فإن ماركو روبيو ثمّن ما يقوم به رئيس الجمهورية وحكومة سلام لتجاوز الظروف واستعادة لبنان عافيته!!
ورغم أنه أمر طبيعي أن يتم استغراب أن يقول مقربان من الرئيس الأميركي كلاماً متناقضاً بالكامل عن نفس الموضوع، وفي وقت واحد وفي لحظة يتواجدا فيها في مكان واحد (اجتماعات الهيئة العامة للأمم المتحدة)، إلا أن أي مراقب يستطيع أن يستدرك استغرابه هذا، كون أبرز سمة لإدارة ترامب الراهنة هي التناقض حتى السخرية في المواقف؛ وهذه سمة لا توجد تعبيراتها فقط بين ما يقوله روبيو وما يقوله براك؛ بل أيضاً بين التصريحات التي يقولها الأخير نفسه؛ وبالأساس في التصريحات والمواقف التي يعلنها ترامب نفسه الذي ينام على موقف يعلنه ويستيقظ على إعلانه موقف آخر مناقض للأول بالشكل والمضمون.
وبخصوص براك فهو منذ وصوله للمنطقة تم تكوين انطباع عنه يحفل بثلاثة أمور لافتة: الأول أنه غير دبلوماسي؛ بمعنى أنه لم يكن هناك صعوبة في أن يكتشف محاوروه أنه آت إلى المهام الدبلوماسية من خارج البيئة الدبلوماسية…
الأمر اللافت الثاني يتمثل بأنه يطلق التصريحات من دون أن يدرس تأثيراتها السياسية؛ وهذا السلوك في عدم صون لسانه السياسي هو أحد التعبيرات الواضحة عن أن براك ليس دبلوماسياً ولا يوجد في جيناته السياسية الحنكة الدبلوماسية المطلوبة.
الأمر الثالث هو تناقض تصريحاته؛ حيث يوجد بينها فوارق واسعة، ما يضطره غالباً لنفي ما يقوله ليعود بعد النفي ليواجه مشكلة في المعنى السياسي لتصريحه الجديد…
وبالمحصلة فإن براك كما يقال غاضب من فشله بادارة الملف اللبناني؛ علماً أن الجهة التي تسببت بفشله هي نتنياهو وليس لبنان. ولكن براك الذي اختلف مع نتنياهو بشأن كيفية معالجة أحداث السويداء لا يمكنه أن يعبر بشكل واضح عن استيائه منه؛ لأن ذلك سيكلفه منصبه كمبعوث لواشنطن في سورية. وشاع في الآونة الأخيرة أن براك لديه مصالح تجارية شخصية في سورية ما يعني أنه لا يرعى فقط مسار حل الأزمة السورية بل يرعى أيضاً مصالحه التجارية في سورية.
وبكل الأحوال فإن البيت الأبيض – بحسب معلومات متقاطعة – أخذ قراراً بإبعاد براك عن الملف اللبناني بالتدريج وذلك حفاظاً على ماء وجهه؛ وأيضاً حتى لا تتأثر هيبته بخصوص الملف الأساس الذي يديره وهو الملف السوري.
وكل هذه الاعتبارات ذات الصلة به، تقود إلى استنتاج رئيس وهو أن براك لم يعد فعلياً في صلب مهمة واشنطن في لبنان؛ ولكن هناك جدل بخصوص تحديد الجهة الأميركية التي استلمت ملف لبنان من براك. هناك معلومات تقول أن أورتاغوس عادت للملف اللبناني بينما هناك معلومات تقول أن كل ملف لبنان انتقل فعلياً إلى عناية القيادة الأميركية الوسطى.

