خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
يوم غد (الجمعة) يلقي بنيامين نتنياهو كلمته أمام الهيئة العامة للأمم المتحدة. ثمة توقع أن تكون القاعة شبه خاوية حينما يعتلي المنبر. هذا المشهد سيكون بلا شك موحياً، ولكنه مع أهميته، لا يعني أن الدول التي ستقاطع خطابه والتي اعترفت بالدولة الفلسطينية؛ فعلت كل ما هو مطلوب منها لوقف الإبادة في غزة. هناك معادلة يتم استذكارها في هذه اللحظة، ومفادها أنه ليس صحيحاً أن الجهة الوحيدة القادرة على الضغط على إسرائيل هي حصراً الولايات المتحدة الأميركية؛ بل هناك جهة أخرى لديها علاقات تجارية استراتيجية أكبر من تلك التي لأميركا مع إسرائيل، وهي أوروبا؛ وهذه الأخيرة لو استخدمت بجدية ورقة الضغط التجاري على تل أبيب فستنجح في إخضاعها، ولكن أوروبا حتى الآن لم تفعل.
وعناوين الخطاب الذي سيلقيه نتنياهو في الهيئة العامة للأمم المتحدة بات معروفاً؛ ويتضمن هجوماً على أوروبا التي بحسب رأيه كافأت الإرهاب كونها اعترفت بالدولة الفلسطينية، وسوف يقول للعالم أن إسرائيل تقاتل نيابة عنه ضد إرهاب إيران، الخ..
واللافت أن نتنياهو يسمى خطابه الذي سيلقيه غداً، بأنه خطاب كشف الحقيقة!!
لم تعد ادعاءات نتنياهو تلقى صدى قوياً في الأروقة السياسية العالمية؛ حيث أن صورته تواجه محرقة أخلاقية وسياسية؛ ولكن بالنسبة لنتنياهو فإن الحدث الأهم في كل زيارته للولايات المتحدة الأميركية هو لقاؤه مع ترامب الذي صار رقمه ٤ .
في إسرائيل يتم طرح سؤال مركزي وهو هل ترامب هذه المرة سيفرض على نتنياهو حلاً لوقف النار في غزة؛ ومناسبة طرح هذا السؤال تعود للأنباء التي شاعت أمس عن نتائج اجتماع ترامب بزعماء الدول الإسلامية الذي طرح خلاله الأول مبادرته لوقف الحرب في غزة وتضمنت النقاط التالية:
١ -إطلاق سراح جميع الأسرى دفعة واحدة وهذا يعني أن ترامب رفض مقترح حماس الأخير بخصوص إطلاق سراح نصف الأسرى مقابل هدنة لفترة معينة.
٢ -وقف دائم لإطلاق النار ينهي الحرب الحالية في غزة.
٣ -انسحاب إسرائيلي تدريجي من القطاع.
٤ -إنشاء آلية حكم مدني في غزة تشارك بها دول عربية معتدلة والسلطة الفلسطينية (من دون حماس).
٥ -إدخال مساعدات إنسانية عبر مؤسسات دولية بلا قيود.
٦ -استبعاد حماس من أي دور في قطاع غزة.
٧ -تمويل وتنفيذ هذا الحل بمشاركة عربية؛ بما في ذلك إمكانية إرسال قوات عربية إلى القطاع (تقترح مبادرة ترامب أن تشارك دول عربية لثلاث سنوات بادارة القطاع).
٨ -التزام أميركي بعدم تمكين نتنياهو من ضم أو بناء مستوطنات في غزة.
هناك عدة نقاط في هذه المبادرة قد تتحفظ عليها حماس؛ فالأخيرة موافقة على أن لا يكون لها دور سياسي في إدارة القطاع ولكنها تصر على الاحتفاظ بسلاحها. فيما نتنياهو يرفض أي مشاركة للسلطة الفلسطينية في إدارة غزة بعد الحرب.
هذه النقاط وغيرها يتوقع أن تكون محل جدل في حال قام ترامب فعلياً بإعلان مبادرته بعد لقائه بنتنياهو؛ ولكن كان لافتاً تقديراً للموقف كانت أعلنته قناة ١٢ بخصوص نتائج اللقاء المرتقب بين ترامب ونتنياهو؛ حيث أكدت انه مستبعد حصول أي خلاف بينهما؛ لأن كل سيناريو اجتماع ترامب بالزعماء المسلمين كان منسقاً مسبقاً..
وعلى هذا يمكن هذه المرة النظر بشيء من الثقة لتفاؤل ويتكوف الذي أعلن أن احتمال التوصل إلى وقف للحرب في غزة بات قريباً.
ومن خلال استعراض كل هذه المعطيات التي تسبق اللقاء الرابع بين ترامب ونتنياهو يمكن تخيل أن المرحلة المقبلة قد تذهب باتجاه الخطوات التالية:
أولاً- الدخول في أجواء إعلان مبادرة جديدة لترامب بدل البقاء في أجواء العملية العسكرية الإسرائيلية ضد مدينة غزة؛ مع ملاحظة أن إعلان ترامب عن مبادرته لا تعني أنها ستدخل حيز التنفيذ بل حيز التفاوض عليها.
الخطوة الثانية الانتقال من جعل المفاوضات على غزة محصورة فقط بحركة حماس إلى جعل الأطراف المفاوضة باسم غزة عدة أطراف بما فيها دول عربية والسلطة الفلسطينية.
ويبقى السؤال المفقودة الإجابة عنه هو هل سيبقى نتنياهو طوال فترة التفاوض على مبادرة ترامب طليق اليدين، أم أنه سيكون مقيداً باعتبارات وقيود تضعها إدارة ترامب على هذه المرحلة الانتقالية.
