خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة
امتدح الرئيس الأميركي أمس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووصفه بأنه الرجل الذي نجح في المهمة الصعبة وهي السيطرة على سورية وتغيير النظام فيها..
وقال ترامب أمراً كرره سابقاً في عدة مناسبات وهو أن أردوغان يصر على عدم نسب هذا الفعل إلى نفسه؛ علماً أنه شخصياً – أي ترامب – يعرف أن أردوغان هو الذي فعلها (يقصد أسقط النظام في سورية).
السؤال الذي يطرحه نفسه تعليقاً على ما يقوله ترامب؛ هو لماذا يصر الأخير على التذكير بهذه الواقعة ولماذا يغمز في كل مرة يلتقي فيها أردوغان أو يهاتفه أو يأتي على سيرته، من قناة أنه أسقط الأسد ويتجنب أن ينسب هذا الأمر إلى نفسه!!
من نافل القول أن ترامب رغم أنه قليل المصداقية؛ إلا أنه يمكن تصديقه بخصوص موضوع صلة أردوغان بإسقاط الأسد؛ كون هذا الأمر حصل تحت أعين السي آي إي وهو يتحدث عن لحظة انتهت رغم أن تداعياتها لا تزال قائمة ومؤثرة على كل أحداث المنطقة.
وبتحليل معلومة ترامب عن أردوغان ونظام الأسد، يمكن القول أن الرئيس الأميركي يتقصد إدراج ما يسميه بفضل أردوغان بإسقاط الأسد وإخراج إيران من سورية، وذلك حتى يثير حساسية إضافية بين أنقرة وطهران وأيضاً بين أنقرة وموسكو.. فترامب يريد القول للإمام خامنئي أن أردوغان خان توافقه معك في سورية وتسبب لك بأهم خسارة جيوسياسية تعاني منها طهران في هذه المرحلة. وترامب يريد القول للرئيس الروسي بوتين أن حليفك أردوغان لا يمكن الوثوق به. وبالمقابل يعرف أردوغان ضمنياً ان ترامب بكلامه هذا عن دوره في سورية لا يقصد بالأساس امتداحه؛ إنما توجيه الأنظار نحو جانب الغدر الموجود في شخصيته.
.. ولكن بالمقابل فإن ترامب يعتبر مؤيداً بحماس لفكرة أن يكون لتركيا وخاصة بزعامة أردوغان، دوراً محورياً في سورية، وهو يطلب المرة تلو المرة من نتنياهو أن لا يخفض منسوب الصراع والتنافس مع أردوغان في سورية.
والواقع أن أحد أهم الأسباب التي حدت بترامب لإرسال توم براك سفيراً للولايات المتحدة الأميركية في سورية، هو أن يقوم من خلال وجوده في أنقرة بلعب دور الوسيط الذي يهندس التوازن إيجاباً بين نفوذ أردوغان ونفوذ نتنياهو في سورية. وهذا الهدف عينه هو الذي حدا بترامب لإعطاء براك ملف ادارة الأزمة اللبنانية؛ ولكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن براك عمل بالمهمة اللبنانية انطلاقاً من علاقة هذا الملف بالوضع السوري؛ وبالأساس انطلاقاً من علاقة منطقة مزارع شبعا بتعقيدات ترسيم الحدود بين سورية وإسرائيل.
.. وحالياً يقال أن براك فشل في مهمته اللبنانية، والبعض الآخر يقول أنه لم يفشل، ولكن الجانب اللبناني من مهمة براك في سورية انتهت وحققت أهدافها.
.. حالياً، هناك انتظار في المنطقة للنتائج التي سيخرج بها أردوغان وترامب من اجتماعهما. وفي إسرائيل هناك قلق مرده أن أردوغان يعرف كيف يحاور ترامب وكيف يؤثر عليه ويقنعه.. ولكن اليمين الإسرائيلي يقول بنفس الوقت إن أردوغان ليس الشخص الوحيد المتخصص بمناطق ضعف ترامب، بل يوجد شخصية أخرى تعرف ترامب جيداً وتحفظ بنيته النفسية عن ظهر قلب، وهي نتنياهو الذي سيلتقي بترامب يوم الأثنين القادم؛ أي بعد ثلاثة أيام من لقاء الأخير بالزعيم التركي؛ وسيكون لنتنياهو الفرصة كي يمحو الكثير من الأفكار التي طبعها أردوغان في ذهن الرئيس الأميركي المتقلب!!

