الهديل

خاص الهديل: لبنان بعد اجتماع شرم الشيخ: بين منع الحرب الشاملة عليه وتعاظم إهماله أميركياً!!

خاص الهديل….

بقلم: ناصر شرارة

هناك سؤال مركزي يجدر بلبنان أن يتوقف أمامه وهو كيف سينعكس وقف حرب غزة على لبنان؟؟. ويمكن طرح نفس مضمون وفحوى هذا السؤال بشكل آخر وهو ما هو نصيب لبنان من إعلان ترامب وقف الحرب بعد اجتماع شرم الشيخ؟؟. ويصح أيضاً وأيضاً مقاربة ذات فحوى هذا السؤال عينه من منظار ثالث، وهو هل سيقيد كلام ترامب لنتنياهو عن أنه حان وقت وقف الحرب؛ عدوانيته (أي نتنياهو) تجاه لبنان؟؟.

الإجابة نظرياً عن هذه الأسئلة واضحة، ومفادها أن نتنياهو أصبح بعد اجتماع شرم الشيخ أمام حدود لا يمكنه تجاوزها، وهي حدود دونالد ترامب في الشرق الأوسط التي من بين مبادئها الانتقال من الحرب النشطة إلى وقف إطلاق نار غير صلب، ولكنه يؤسس وفق منهجية التمرحل للدخول في المرحلة الثانية من بنود خطة ترامب التي وإن كانت تحمل عنوان وقف الحرب في غزة إلا أن مقاصدها الحقيقية هي نقل المنطقة إلى حالة من الاستقرار المتخيل والمعروف بإسم “الصلح الإبراهيمي” حسب مصطلح ترامب، والمعروف حسب مصطلح بايدن “بالاندماج الإقليمي”؛ وكلا هذين المصطلحين يهدفان لجعل المنطقة تطبع علاقاتها مع إسرائيل التي عليها أن تتحول إلى “دولة طبيعية” في الشرق الأوسط.

والواقع أن الأزمة في مبادرة ترامب لا تعود إلى أن الولايات المتحدة الأميركية فقدت تأثيرها على المنطقة، ولا إلى كون القوى المناهضة لواشنطن بات لها يد عليا عليها، بل تعود لشخصية ترامب ذاته؛ وذلك لجهة أنه يوجد نقص حاد في الثقة تجاهه؛ بمقابل أن شخصيته تتمتع بدينامية مفرطة تلقي بظلالها على القسم الأكبر من أحداث العالم.

وهذا التناقض في شخصية ترامب خلق تناقض في تفسير نتائج مبادرته؛ حيث هناك رهان على حيويته من جهة وخوف من تقلبه من جهة ثانية.

أما بخصوص لبنان فيجدر ببيروت أن تقرأ التحول في أحداث المنطقة كما عكسته نتائج اجتماع شرم الشيخ على النحو التالي:

أولاً- لبنان نظرياً يجب أن يستفيد من توجه ترامب لكبح غلو وتغول نتنياهو؛ ويجب على لبنان أن يطور إفادته من توجه ترامب هذا، عبر إقناع البيت الأبيض بالضغط على تل أبيب لتسير مع لبنان بخارطة خطوة مقابل خطوة أي تنازل بمقابل تنازل.. وربما تفترض الواقعية الإشارة في هذا السياق، إلى أن هناك مشكلة ستواجه لبنان في مرحلة ما بعد شرم الشيخ وهي التوجه الأميركي لاعتبار لبنان ليس أولوية على أجندة ترامب.

ثانياً- يجدر على لبنان خلال تقويمه للسلوك الإسرائيلي تجاه بلد الأرز أن يضع في حسبانه أن مناخ إسرائيل السياسي حالياً موجود داخل لحظة الذهاب إلى الانتخابات العامة. ويوجد لهذا الواقع تأثيرين إثنين على ما يمكن تسميته بسياسة إسرائيل اللبنانية: الأول تأثير عام واستراتيجي؛ والثاني تأثير انتخابي مباشر؛ ذلك أن مستوطني الحدود الشمالية يمثلون كتلة انتخابية سيقترعون وفق تقديرهم لموضوع هل الليكود نجح أم فشل في جلب الأمن للمستوطنات الشمالية. وعليه فإنه منذ هذه اللحظة يجب قراءة أي كلام عسكري أو سياسي إسرائيلي عن لبنان ضمن إدراك أن نسبة غير قليلة من خلفيته هي انتخابية.

ثالثاً- يجب على لبنان بعد طول تجربة أن تصل إليه فكرة ضرورة تلازم مسألتي “حصرية السلاح” مع “الإصلاحات”؛ ولا يمكن وضع واحد من هذين الأمرين بوجه الآخر أو اعتبار أن السير بأحدهما يكون على حساب الآخر، أو يلغي البت بالآخر.

إن عملية إعادة بناء الدولة لا تعني تصفية كل المشاكل؛ فهذا أمر مستحيل وغير منطقي؛ بل المطلوب من الدولة ترتيب هذه المشاكل ومقاربتها بذهنية الحلول وليس بذهنية التحجج بها لتبرير الشلل.

Exit mobile version